للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٠ - أن المقصود بقسمة الجمع: جمع نصيب الشريك من أعيان مشتركة وإفرازه في عين واحدة لا يشاركه فيها غيره، أما قسمة التفريق فهي إفراز نصيب الشريك من كل عين من الأعيان المشتركة على حدتها ولا تدخل قسمة الجمع المشترك إذا كان أجناساً متعددة، وإنما تدخله قسمة التفريق وقسمة الجمع لا تدخل إلا الجنس الواحد عند انتفاء الضرر، فإذا أراد أحد الشريكين قسمة الدور المشتركة قسمة جمع وامتنع شريكه فإن الممتنع لا يجبر على القول الراجح إلا أن تكون الداران في محلة واحدة ومتساويتين في كل شيء.

وإن كان المشترك داراً ذات بيوت أو عمارة ذات شقق متلازقة، فإن الممتنع من قسمة الجمع يجبر عليها على القول الراجح، وكذلك الحال بالنسبة للأرض التي لا يمكن فيها التسوية بين الشريكين في الجيد والرديء، حيث تعدل أجزاؤها ويجبر الممتنع من القسمة عليها.

٥١ - أن قسمة الأراضي والبساتين إجباراً ترجع إلى نظر القاضي على القول الراجح، وكذلك قسمة الحوانيت إجباراً حيث ينظر القاضي في الأصلح من الجبر وعدمه فإن أراد بعض الشركاء قسمة بعض الملك دون بعض وكان الملك غير منقول فإنه لا يجبر لما في الجبر من منافاة للمعنى الذي شرعت له القسمة، وإن كان الملك منقولاً ولا يمكن تعديله إلا بترك جزء منه على الشركة كما لو كان بينهما شياه، فإن الممتنع من القسمة يجبر عليها لانتفاء الضرر، فإذا تمت القسمة بين الشركاء في المشاع وكانت إجبارية فإنها تلزم بخروج القرعة بلا خلاف.

٥٢ - إذا ظهر الغلط في القسمة فإنها تنقض سواء كانت إجبارية أو رضائية على القول الراجح، وإن ظهر عيب في نصيب أحد الشركاء فإن القسمة صحيحة مع ثبوت الخيار لمن ظهر العيب في نصيبه بين الفسخ أو الإمساك مع الرجوع بأرش العيب على القول الراجح، وإن استحق بعض المقسوم وكان معيناً في نصيب أحدهما، فإن القسمة لا تبطل ويثبت الخيار للمستحق من نصيبه بين نقض القسمة وبين الرجوع على صاحبه بنصف ما استحق منه معاً في يده، وإن كان المستحق معيناً في نصيبهما على السواء فإن القسمة لا تبطل بهذا الاستحقاق أيضاً على الصحيح، وإن كان المستحق شائعاً، فإن القسمة لا تبطل على الصحيح ويثبت الخيار للمستحق، هذا إن كان شائعاً في نصيبيهما، فإن كان شائعاً في نصيب أحدهما فإن القسمة لا تبطل على الصحيح، ولمن استحق بعض نصيبه الخيار بين الفسخ وبين الإمساك، والرجوع بباقي حصته.

٥٣ - أن ظهور الدين بعد القسمة لا يبطلها إن كان له مال آخر سواه يمكن جعل الدين فيه بلا خلاف، وكذلك الحال إن لم يكن له مال وأراد الورثة وفاءه على الصحيح، وكذلك الحال إن ظهر موصى له بعد القسمة وكانت الوصية بمال غير معين.

فإن كانت بجزء معين من التركة وكان هذا المعنى في نصيب أحدهما فإن القسمة لا تبطل ويثبت الخيار للوارث الذي وقعت الوصية في نصيبه بين نقض القسمة وبين الرجوع على صاحبه بنصف ما استحق منه في يده، وإن كان معيناً في نصيبيهما، فإن القسمة لا تبطل، وإن كانت بجزء شائع من التركة فإن القسمة تبطل في الموصى به وتصح في الباقي، مع إثبات الخيار للموصى له على القول الراجح.

وبعد ... فهذه جملة موجزة من نتائج هذا البحث، وفي ثناياه نتائج وثمار كثيرة، أرجو الله جلت قدرته أن ينفع بها، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

والحمد لله رب العالمين، والصلاة على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>