٨ - إن رد خبر الفاسق، ومنعه الترخص بهذه الرخص، زجر له عن فسقه ومعصيته، ومن صور زجر الفساق وعقوبتهم: جواز إظهار سجود الشكر أمام الفاسق؛ ليرتدع من معصيته التي يفسق من أجلها، وعدم صلاة الأئمة وأولي الفضل على الفاسق إذا مات، وعدم إيتائه من الزكاة إذا كان يستعين بها على المعصية، ومنع الولد الفاسق من الهبة إذا كان يستعين بها على المعصية، ومنع الوالد الفاسق من الاتهام لولده، وعدم إجابة دعوة الفاسق إلى الوليمة، ومنعه من التزوج بالصالحة العفيفة، ونزع اللقطة واللقيط منه إذا التقطهما، وعدم الاعتداد بتعريفه اللقطة، ومنع الفاسقة من حقها في حضانة طفلها، ومنع الناشزة من حقها في القسم والنفقة، وندب تطليق الفاسقة، إذا كان فسقها بالزنا، أو بتفريط في حقوق الله الواجبة، إذا عجز الزوج عن إجبارها عليها، وجواز اختلاع المرأة من الزوج إذا كان كذلك ...
٩ - للخوف من الفساق أثر في تغير بعض الأحكام، كخوف المرأة على نفسها الفساق عند الماء، وخوف واجد اللقطة عليها في ممر الفساق والخونة، فيباح التيمم للأولى، ويوجب الالتقاط على الثاني، ويسقط وجوب الحج على المرأة إذا لم تجد في سفرها إليه غير محرم فاسق، أو رفقة فاسقة غير مأمونة، كما يباح للمعتدة الانتقال من مسكنها الذي تعتد فيه، إذا كان بجوار الفسقة.
١٠ - لا يؤثر فسق السيد على تصرفاته في مملوكه، فتثبت له الولاية عليه، ويجوز له تزويج أمته، وإقامة الحد على رقيقه إذا زنى.
١١ - الفاسق من أهل القرب، وعباداته صحيحة إذا أداها على الوجه المطلوب، فيصح وقفه، ووصيته لغيره ما لم تكن الوصية في كفالة الأولاد، وتصح مشاركته في الجهاد. ما لم يكن مخذلاً أو مرجفاً أو خائناً يتجسس للكفار، ويطلعهم على عورات المسلمين.
١٢ - يجب تجهيز الفاسق والصلاة عليه إذا مات، سواء كان فسقه باعتقاد أو بارتكاب الكبيرة، ويجب بره على أبنائه مع فسقه، وتحرم الخطبة على خطبته، وتصح ولايته في نكاح نسيبته، وتصح وكالته في التزويج، ويصح لعانه، وأمانه لآحاد الكفار، وتقبل دعواه على العدل ويطالب باليمين إذا أنكر. فهذه مسائل لا فرق فيها بين الفاسق والعدل.
١٣ - يقبل خبر الفاسق في المعاملات، إلا إذا كان الفاسق المخبر فضولياً، ففي قبول خبره فيها خلاف بين أبي حنيفة وصاحبيه، بناءً على أن هذا الخبر هل هو شهادة، أو خبر في المعاملات؟.
١٤ - الفاسق جائز التصرف، فيصح منه البيع والشراء، والإجارة، وتجوز مشاركته مع الكراهة، ويصح ضمانه وكفالته، ويصح التقاطه اللقطة واللقيط، غير أنهما ينزعان منه، ويملك اللقطة إذا لم يعثر على صاحبها بعد مدة التعريف، ويجوز وضع الرهن عنده إلا إذا كان الرهن أمة أو خنثى، أو كان الرّاهن والمرتهن، أو هما معاً متصرفين عن الغير، وكان الفاسق يخرج بفسقه عن الأمانة، ويجوز إيداع الوديعة عنده، إذا كان فسقه بغير معصية مالية، ولا يخشى منه عليها. وتجوز وكالته فيما يجوز له التصرف فيه.
١٥ - لا تنفسخ المساقاة بظهور الفسق من العامل، وإنما يتحفظ منه رب المال، فإن عجز ساق عليه الحاكم، وتكون أجرة العامل الثاني على الأول الخائن. ولا تنفسخ الإجارة كذلك بفسق المستأجر، وإنما على المؤجر أو الحاكم منعه من الفسق.
١٦ - فسق الرقيق عيب مثبت للخيار، إذا كان بارتكاب الكبائر، واختلفوا في فسق الاعتقاد. وكذلك ظهور الفسق من الأجير حيث لا يمكن التحفظ ولا التحرز من ضرره، وظهوره من المستأجرة للرضاعة مثبت للخيار.
١٧ - يحرم العقد على المنافع المحرمة، في الإعارة والإجارة، كما يحرم التوكيل في المعصية، والوصية بالمعصية أو الوقف عليها.