١٨ - الفاسق ليس من أهل الولايات الدينية ابتداءً، فإذا ولي عليها صحت في بعضها، كإمامة الصلاة والأذان وغسل الميت، ولا تصح في الولايات المالية، كالنظر على الوقف، والوصية، والعمل على الزكاة وخرص الثمار. وكذا الولاية على النفس، ويعزل عنها ولو طرأ عليه الفسق بعد توليته. وهكذا ولاية القضاء، لا تصح ولايته، وإذا ولي وحكم لم ينفذ حكمه، إلا إذا ولاه ذو شوكة، فينفذ للضرورة، وينعزل بالفسق نفسه إذا طرأ عليه، وعلى الإمام تعيين قاض آخر مكانه؛ يتصفح قضاءه السابق، فما وافق الحق أمضاه، وما جانبه نقضه. أما الولاية الكبرى فلا تصح تولية الفاسق فيها، ولا العهد إليه بها، وإذا تولاها بالغلبة، أو فسق بعد عدالته، وجب نصحه وطاعته في المعروف، ويجزئ دفع الزكاة إليه، والجهاد معه، وتولي القضاء منه إذا كان يمكن القاضي من القضاء بالحق، ولا يجوز عزله ولا الخروج عليه، ولو كان فسقه فسق اعتقاد ما لم يبلغ حد الكفر البواح. وهذا كله عند السعة وتوفر العدول، فإذا عدم العدول وكان الموجودون كلهم فساقاً ولي أقلهم فسقاً وفجوراً.
١٩ - لا يصح تحكيم الفاسق في تحديد جزاء الصيد إذا قتله محرم، ولا للإصلاح بين الزوجين، أو بين الخصوم، ولا يقبل نزول الكفار إذا حوصروا على حكمه.
٢٠ - لا يجوز للقاضي الاستعانة في قضائه بفاسق، لا في النيابة عنه، ولا في الاستشارة، أو الكتابة، أو الحجابة، أو الترجمة، أو القسمة، أو التزكية والسؤال عن الشهود.
٢١ - تصح المكاتبة بين القضاة، فإذا كتب أحدهم إلى آخر، ثم فسق الكاتب بعد الحكم بكتابه، لم يغير ذلك في الحكم شيئاً، وإن فسق قبل الحكم بكتابه، فإن كان الكتاب بحكم مبرم أمضي ونفذ، وإن كان بسماع شهادة رد ولم يحكم به الثاني. وإن فسق المكتوب إليه عمل المتولي بدله بالكتاب، سواء كان بحكم مبرم، أو بسماع بينة.
٢٢ - إذا غلب البغاة على بلد وأخذوا منهم الزكاة أجزأتهم، ولا يكلفون بإعادته إذا غلب عليهم إمام أهل العدل. أما قضاء قاضيهم، فإن كانوا خوارج وأهل بدع لم يصح قضاء قاضيهم. وإن كانوا مجرد بغاة، فلا يخلو قاضيهم من أن يكون منهم، أو من أهل البلد الذين ظهروا عليهم، فإن كان القاضي من أهل البلد عدلاً صالحاً للقضاء صح قضاؤه، وإن كان من البغاة أنفسهم، صح ونفذ ما كان صواباً من قضائه، ورد ما خالف الصواب كقاضي أهل العدل.
أما إذا كتب قاضيهم من أهل البلد العدل بالعدالة، أو بمخالفتهم للبغاة، قبل كتابه، وإن لم يكونوا كذلك لم يقبل كتابته، وأما كتاب القاضي من البغاة الموافق للصواب، فالمستحب عدم قبوله، وإن قبله قاضي أهل العدل وعمل به جاز. وتقبل شهادة البغاة إذا لم يقاتلوا أهل العدل، ولم يستحلوا دماءهم، فإذا قاتلوهم واستحلوا دماءهم ردت شهادتهم ولم تقبل.
٢٣ - العدالة المطلوبة في الشهود هي الظاهرة والباطنة، وذلك عند أداء الشهادة لا عند تحملها، فيصح تحمل الفاسق الشهادة على أن يؤديها إذا تاب، وإذا لم يتب حتى دعي لأدائها لم تلزمه الإجابة. وشهادة الفاسق مردودة مطلقاً سواء كان فسقه بارتكاب كبيرة، أو ببدعة، وإذا قبل الحاكم شهادته وحكم به لم يصح الحكم.
٢٤ - إذا قبل القاضي شهادة عدلين، ثم فسقا قبل الحكم بشهادتهما، رد شهادتهما ولم يحكم بها. وإذا حدث الفسق منهما بعد الحكم وقبل الاستيفاء، فإن كان الحكم في مال استوفاه، ولم يؤثر الفسق في الاستيفاء، وإن كان المحكوم به حدا لله أو لآدمي كحد قذف أو قصاص لم ينفذ ولم يستوف. وإن حدث الفسق بعد الاستيفاء لم يتأثر به الحكم.