٢٥ - إذا ظهر للقاضي فسق الشهود الذين قضى بشهادتهم بعلمه هو، نقض حكمه إذا لم يتهم في قضائه بعلمه، وإن كان بشهادة شاهدين، فإن أسند الفسق إلى وقت الحكم، نقضه القاضي، وإن شهدا مطلقاً لم ينقض الحكم بذلك. وإذا نقض الحكم في الحالين الأوليين رد القضايا والحقوق إلى أهليها، فلو كان الحكم المبني على شهادتهم في طلاق، أو عتق، أو عقد، أو لعان، رده. وإن كان في مال حكم بقضائه. وإن كان في قصاص في نفس أو عضو، كان الضمان على الشهود إن علموا، وإلا فعلى عاقلة القاضي.
٢٦ - إذا شهد عدلان عند القاضي المتولي أن القاضي قبله كان قد حكم بشهادة فاسقين، أحضر القاضي السابق، فإن أنكر كان القول قوله، وإذا ثبت أنه حكم بشهادة فاسقين، أحضر القاضي السابق، فإن أنكر كان القول قوله، وإذا ثبت أنه حكم بشهادة فاسقين نقض حكمه السالف.
٢٧ - إذا أشهد فاسق على شهادته عدلاً لم تصح شهادته على شهادته، وإذا تحمل الفرع العدل شهادة الأصل العدل، ثم طرأ الفسق على الأصل، بطلت شهادة الفرع على شهادته، سواء كان قبل أدائها، أو بعد أدائها وقبل الحكم بها. وإذا تاب قبل أداء الفرع شهادته على شهادته قبلت من الفرع الشهادة. ويصح تحمل الفاسق شهادة الأصل العدل، على أن يؤديها عنه عند عدالته، ولو كان عدلاً عند التحمل ثم طرأ عليه الفسق، منع الحكم بشهادته إلى أن يتوب، ولا يؤثر فسقه على شهادة الأصل.
٢٨ - القذف كبيرة من الكبائر، ومن قال لأخيه: يا فاسق، عزر ولم يحد، ما لم يجر العرف بتخصيصه بالزنا، أو يرد القائل نسبته به إلى الزنا وحد القذف لا يجب بقذف الفاسق بالزنا غير العفيف، أما سائر الفساق فيجب بقذفهم الحد.
٢٩ - شهادة القاذف لا تخلو من أربعة أحوال:
الأولى: أن يشهد قبل الحد والتوبة، فتقبل شهادته ما لم يثبت كذبه.
الثانية: أن يشهد قبل الحد وبعد التوبة فتقبل أيضاً.
الثالثة: أن يشهد بعد الحد وقبل التوبة فلا تقبل شهادته
الرابعة: أن يشهد بعد التوبة والحد فتقبل شهادته.
٣٠ - المحدود في القذف ليس من أهل الولاية ولا الشهادة عند الحنفية، ففسقه مؤبد عندهم لا ترفعه توبته، وهو بمثابة الفاسق قبل التوبة عند الجمهور، إلا في مسألة واحدة وهي صحة حلفه أيمان القسامة كالعدل، وذلك بمني على أنها أيمان لا شهادة، لذلك لا يجيزون توليه القضاء، ولا يصححون لعانه لأن الأيمان فيه شهادات عندهم، ولا يقبلون شهادته، ولا يجيزون نزول الكفار على حكمه إذا حوصروا ... بخلاف الفاسق عندهم، فهو من أهل الولاية والشهادة لكن الأفضل ألا يول القضاء، وألا تقبل شهادته، فإذا ولي القضاء وحكم، أو قبلت شهادته وحكم بها صح.
٣١ - المحدود في غير القذف تقبل شهادته بعد توبته اتفاقاً، وكذلك شهادة التائب من سائر الذنوب، ما لم يعد شهادته المردودة لفسقه السالف.
٣٢ - تقبل التوبة من جميع المعاصي، إذا كانت خالصة لله تعالى، وأقلع العاصي من الذنب، وندم على ما فات، وعزم على عدم العودة، وكانت توبته قبل الغرغرة، وقبل طلوع الشمس من مغربها. وإن كان الذنب في حقوق الآدميين رد المظالم إلى أهلها. وإن كانت المعصية قذفاً أكذب نفسه فيما قذف به أخاه. وإن كانت بدعة اعترف بها ورجع عنها، واعتقد ضد ما كان يعتقده من مخالفة السنة، فإن كان داعية إلى بدعته، دعا إلى ضد ما كان يدعو إليه من قبل.
ولا بد بعد هذا من استبراء التائب مدة يصلح فيها العمل، ويتحقق خلالها صدقه في توبته.
٣٣ - لا يؤثر الفسق في القسامة، فتصح أيمانها من الفساق على العدول وعلى أمثالهم الفساق، وتعتبر شهادة الفساق لوثاً موجباً للقسامة، وعن مالك في اعتبار شهادة الفاسق الواحد لوثاً موجباً للقسامة روايتان.