٧ - إباحة مثل هذا الزواج تشويه للإسلام وتنفير للناس منه، ونشأ عن ذلك أن ارتد كثير من المسلمات حديثات العهد بالإسلام أو المغتربات المسلمات اللاتي وجدن في بلاد الغرب، حيث تزوجهن بعض الشباب، وطلقوهن.
٨ - إن كثيراً من هؤلاء المتزوجين بنية الطلاق لا يحرصون، وربما لا يفكرون في اختيار الزوجة الصالحة، وربما لا يهمه صلاحها ولا أسرتها ولا أصلها ولا شيء من الاعتبارات الأخرى التي تهم المتزوج بنية الدوام.
٩ - مثل هذا الزواج قد يعطل كثيراً من النساء الشريفات عن الزواج، ذلك أن الرجل قد لا يقدم على تزوجهن وهو يريد الطلاق؛ لما يترتب على ذلك من تكاليف أو مسؤوليات اجتماعية أو مشاكل أسرية، فيتركهن، ويذهب إلى غيرهن أقل مستوى منهن في نظره، حتى يسلم من التبعة.
١٠ - إذا كان عنده ثلاث زوجات، فتزوج الرابعة بنية الطلاق، ثم طلقها؛ فقد يتزوج أخرى ومطلقته لم تزل في عدتها، ثم يطلقها ويتزوج أخرى ومطلقته الثانية لم تزل في عدتها، وربما تزوج ثالثة ورابعة وخامسة وأكثر من ذلك والمطلقات السابقات لا يزلن في عدتهن منه، وربما أنجبن أولاداً من هذا الوطء، وقد ذكرنا لك فيما سبق قصة الشاب الذي تزوج تسعين امرأة في فترة قصيرة.
إلى غير ذلك من المساوئ والمفاسد التي لا تليق ولا تقرها العقول السليمة فضلاً عن شرع الله الحكيم.
ولعلنا نخلص إلى خاتمة القول بأن النكاح بنية الطلاق حرام حسب ما ظهر لي من أدلة الشرع ومقاصده، والله أعلم، وأنه يتعارض مع مقاصد الشريعة في النكاح، وأنه غش وخديعة وظلم للمرأة وأوليائها، وأنه لا فرق بينه وبين نكاح المتعة ونكاح التحليل في التحريم؛ لتساويهما في نية عدم دوام النكاح واستمراره، وذلك يصادم مقاصد الشريعة في مشروعية النكاح، غاية ما في الأمر أن نكاح المتعة والتحليل وجد فيه التصريح بالنية، والنكاح بنية الطلاق لم يصرح فيه الزوج بنيته، بل خدع المرأة وأوليائها، وقد عزم على هذه النية، ووجدت الأسباب التي تؤيد هذه النية؛ كعدم استطاعته إخراجها من بلدها وإدخالها بلده، أو وجود بعض الفوارق الاجتماعية والموانع الأخلاقية، أو غير ذلك، بل ربما حرص على إيجاد الأسباب التي تجعل الزواج لا يستمر؛ كأسباب عدم الإنجاب وعدم إحسان العشرة وغير ذلك.
لذا؛ فإنا نقول: إن نكاح المتعة باطل ظاهراً وباطناً، والنكاح بنية الطلاق صحيح في الظاهر؛ فنجري عليه الأحكام الشرعية حسب ما ظهر لنا من ثبوت نسب الأولاد ووجود النفقة والتوارث بينهما وغير ذلك من أحكام الزوجية. أما فيما بينه وبين الله تعالى؛ فالنكاح باطل، وإنما الأعمال بالنيات.
وروى عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى".
وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم جعل نكاح الرجل الذي تزوج امرأة وهو ينوي أن لا يعطيها صداقها وربما يريد بزواجه الاستمرار معها، إذا كان الرسول جعل وطأه لها زنى يلقى الله يوم يلقاه وهو زان؛ فما تقول بالرجل الذي تزوج امرأة يظهر لها انه سيستمر معها وأنها تكون زوجته التي تشاركه الحياة ويبني بها بيته وسكنه وينجب منها الأولاد؛ فتنخدع له، وتعطيه أعز ما تملك، وهي بكارتها وجوهرتها الثمينة الغالية التي هي مطمع الرجال وفخر الفتيات وعزهن، فيدخل بها على هذه النية الباطلة، ثم لا يلبث أن يقسم ظهرها بالطلاق؛ أليس هذا أولى بالحكم عليه بالزنى ممن تزوج امرأة وهو ينوي أن لا يعطيها صادقها؟