للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عاشراً: استغل أصحاب الهوى والشهوات فتوى بقية السلف وفخر الخلف "ابن باز" فأثبتنا نص الفتوى، وعلقنا عليها، وهي واضحة بقيودها، وأنها تمثل الضرورة الشرعية، ولو علم – رحمه الله تعالى – بما فعله الناس لرجع عن هذه الفتوى لما فيها من إساءة للإسلام؛ فقد ارتد كثير في ديار الغرب عن الإسلام بسبب الزواج بنية الطلاق، مع كونها أصبحت متعة ظاهرة في حق من يسافر من أجل هذا الزواج. حادي عشر: كررت بعض الأدلة والنصوص والنقولات بحسب مناسباتها للحاجة إليها، والتكرار للحاجة وعند اللزوم من منهج القرآن كما هو معلوم من تكرار بعض القصص لمناسباتها، فلا ضير علينا أن كررنا بعض النقولات للحاجة. وأخيراً خصصنا آخر البحث لمناقشة علمية لأهم ما حوته رسالة مجيز معاصر لهذا الضرب من النكاح، واعتمدنا في مناقشة استدلالاته على المصدرين النيرين كتاب الله الفرقان، وسنة رسوله المأمور بالبيان صلى الله عليه وسلم، وما فهمه علماؤنا الأوائل والمعاصرون من المقاصد الشرعية. ثم إني على يقين بأن كل من نسب إليه الجواز، وصح ذلك عنه لو رأى هذه المآسي المخزية التي ولدها ممارسة هذا النكاح المؤقت، وما جره من ويلات، ومنافاة لمكارم الأخلاق، ودفن للمقاصد الشرعية، وما خلفه من تأيم للفتيات، وإهدار للحقوق، وضياع لمستقبل المطلقات، وتعد على أولياء أمورهن بالغش المتعمد؛ أنا على يقين بأنهم سيجزمون بتحريمه وبطلانه سداً للذريعة. لاسيما ونحن في عصر تكالبت فيه قوى الشر على الإسلام والمسلمين، وهم يحاولون بكل وسيلة النيل من تعاليم الإسلام العليا، وإلصاق التهم بديننا الحنيف، لاسيما فيما يتعلق بنظام بناء الأسرة، الذي ظل شامخاً طيلة أربعة عشر قرناً وسيظل بمشيئة الله تعالى. وعندما يجدون تلك الصور التي عرضنا نموذجاً منها، مثل إنسان يتزوج بتسعين امرأة بنية الطلاق، ويطلقهن كلهن، ثم يؤوب إلى بلاده، وآخر ينجب ويطلق، ويترك أولاده في مهام الأحزان وعواصف الضياع، لا رعاية ولا نفقة، ولا توجيه، ولا سؤال عنهم، مع أن ديننا الحنيف يقول: ((كفى بالمرء أثماً أن يضيع من يقوت)) رواه أبو داود، ولمسلم: ((كفى إثما أن تحبس عمن تملك قوته)).

لا شك أن أعداء الإسلام حينما يرون هذه الصور القائمة التي لا تمثل تعاليم الدين تترآى في ديارهم يملؤون بذكرها مسامع الدنيا، ويقولون لأولئك الأغمار هذا هو دين الإسلام، وكفى خزياً وعاراً على هؤلاء المتمتعين أن بعض من دخلن في الإسلام ثم تزوجن على هذا النحو، وطلق الأزواج واختفوا – ارتددن عن الدين – وعزفن عن تعاليم تشرع مثل هذا الظلم، ولا تقيم لحقوق المرأة وزناً بحسب ما بدا لهن. فالله المستعان: {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ} [الشعراء: ٢٢٧]. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

أحمد بن موسى السهلي.

الطائف

<<  <  ج: ص:  >  >>