للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣ - القمار باعتبار ما يقع فيها نوعان:

نوع منه في المغالبات.

نوع منه في المعاملات.

وبهذا يعلم بأنه وإن غلب وقوعه في المغالبات والألعاب إلا أنه غير محصور فيها.

١٤ - التعليق على الأمور المستقبلية الاحتمالية ركن أساسي في القمار، فلا يتصور القمار في أمور منجزة لا تعليق فيها، ولا في تعليق على أمر محقق.

١٥ - توسع بعض العلماء في معنى القمار حتى أدخلوا فيه كل تعليق للتمليك أو الاستحقاق على الأخطار، فأنتج ذلك توسيع دائرة القمار وإدخال أمور ليست منه فيه.

١٦ - ثمة ألفاظ تطلق على الفعل الذي هو قمار ومنها: الميسر والقمار والرهان والمراهنة والمخاطرة والمخالعة والمناحبة والمغالقة والمجر.

١٧ - اتفقت كلمة العلماء من الصحابة فمن بعدهم على أن القمار كله بأي شيء كان داخل في الميسر ومشمول بحكمه في الشريعة.

١٨ - يفهم من كلام بعض السلف أن القمار مرادف للميسر، وصرح جماعة منهم بعدم اختصاص الميسر بما هو قمار, فجعله شاملاً للقمار ولكل لهو صد عن ذكر الله وعن الصلاة وأوقع في العداوة والبغضاء، وهو بهذا الاعتبار أعم من القمار، أما الميسر الجاهلي فهو أخص من القمار في الشريعة إذ هو قمار في شيء خاص فهو ضرب القداح على أجزاء الجزور قماراً.

١٩ - يطلق لفظ الرهان والمراهنة عند أهل اللغة وفي استعمال الشرع وحملة الشريعة على المسابقة على الخيل وغيرها مجاناً، وعلى مال, على أي وجه بذل، وعلى كل مخاطرة يلتزم كل مشارك فيها بمال لمن غلبه، وهذا الأخير هو المطابق للقمار.

٢٠ - الاستقسام بالأزلام على الراجح: طلب معرفة الخير والشر بواسطة الأزلام، فهو غير الميسر وإن كان شبيها به من حيث التحاكم إلى ما تخفى عاقبته في تمييز الأمور.

٢١ - ما يترتب عليه إبطال حق صاحب الحق وجعله لمن لا حق له بمجرد القرعة فهو قمار، وأما تعيين المستحق غير المعين، أو تعيين الحق المبهم أو المشتبه مع تعذر الحجج بالقرعة فليس من القمار في شيء، إذ لا يستلزم إبطال حق ثابت وإثبات أحقية غير مالكه فيه.

٢٢ - القمار من المحرمات المقطوع بحرمتها في الشريعة، وأكل المال به أكل له بالباطل، وإذا عدت المحرمات الظاهرة في الشريعة فهو معدود منها، ولهذا اجتمعت كلمة أهل العلم على تحريمه وتواترت حكاية الإجماع في كتبهم.

٢٣ - تترتب على القمار مفاسد عظيمة، فهو يوقع العداوة والبغضاء، ويصد عن ذكر الله وعن الصلاة، ويفضي إلى تعطيل ما يعود على الأمة بالنفع من الصناعات والتجارات والزراعات، ويعود النفوس على الكسل والبطالة والتعلق بالأوهام, والاسترسال مع الأماني، ويفضي إلى خراب البيوت العامرة, والعصف بالأسر الآمنة، وتضيع بسببه الثروات في لحظات، ويربي في النفوس الحسد والأثرة، ويزرع فيها الأحقاد والضغائن، ويعودها على المخادعة والتدليس، ويؤدي إلى إضاعة الأوقات وإفناء الأعمار بلهو ضرره أكثر من نفعه، ويؤدي إلى أن يكون المال دولة بين طائفة من الناس، ويؤثر على صحة القلب والعقل والبدن، ناهيك عما يصاحبه من القول الفاحش والكلام البذيء والاتهامات المتبادلة.

٢٤ - جاء التشريع الإسلامي متدرجاً في مخاطبة الأمة بشأن الخمر والميسر، فمهد أولاً ببيان اشتمالهما على الإثم الكبير، وأنه غالب على النفع الموجود فيهما، فكشف لهم الحال على حقيقتها ولم يحتم عليها في طلب الترك، ففهم قوم طلب الكف فكفوا وغلب آخرون جانب الرخصة فترخصوا، بقي الأمر محتملاً عند آخرين فطلبوا زيادة البيان، ثم فطموا عن شرب الخمر وقتاً طويلاً من ساعات الليل والنهار، ثم جاء التحريم القطعي الذي لا مساغ للتأويل فيه.

<<  <  ج: ص:  >  >>