٢٥ - لا أعلم في الشريعة عقوبة مقدرة في حق المقامر إلا أن تعريف العلماء للتعزير وبيانهم لما يشرع فيه من المعاصي يدل دلالة واضحة, على أن القمار داخل في الذنوب التي يستحق فاعلها التعزير، وإن لم يكن متعيناً في حق كل مقامر، بل ينظر في إيقاعه وتقديره على ما كان محققاً للمقاصد الشرعية وتقدر كل حالة بحسبها.
وإذا كان القمار بآلة محرمة فرأى ولي الأمر أو نائبه إفسادها على صاحبها بتغيير هيئتها أو إتلافها أو مصادرتها كان له ذلك.
٢٦ - من طلب من غيره أن يقامره فهو مأمور بالصدقة بما تيسر مما يطلق عليه اسم الصدقة، وظاهر الأمر الوجوب حيث لم يثبت ما يصرفه عن مقتضاه.
٢٧ - إذا اكتسب شخص مالاً بطريق القمار فإن علم صاحبه رده إليه، فإن تعذر فإلى وكيله، وإن كان ميتاً فإلى ورثته، فإن لم يكن ورثة قضى به ديناً عنه إن علم بذلك، وأما إذا جهل صاحب المال فإن غلب على ظنه العلم به حبس المال عنده وبحث عنه كما يفعل في اللقطة، وإن غلب على ظنه عدم العلم به تخلص منه بالصدقة به عن صاحبه أو بتسليمه إلى بيت المال ليصرف في مصالح المسلمين أي الأمرين كانت المصلحة فيه أرجح.
٢٨ - المناضلة بالسهام والمسابقة على الخيل والإبل تأتي في المرتبة الأولى مما جاء في السنة من المغالبات المرغب فيها، وذلك لأنها عدة الجهاد عند القوم فكان إجراء السبق فيها إعداداً للقوة وتأهباً للعدو وترويضاً للنفوس على أمور الجهاد، وتدريباً لها على استخدام آلاته، وتمريناً للمركوبات المستخدمة فيه؛ لتسهل الاستفادة منها عند الاحتياج إليها، ولو لم يكن في ذلك إلا أن تكون نفوس أهل الإسلام متعلقة بأمور الجهاد متهيئة له مشغولة عند فراغها بوسائله لكان ذلك كافياً.
ويلحق بها ما هو من آلات الجهاد في كل عصر بحسبه.
وكما ثبت هذا في وسائل الجهاد الحسية فهو كذلك في الوسائل المعنوية التي ينتصر فيها للحق وترفع رايته وتعلن حججه وبراهينه، فإن قيام الدين بالسيف والسنان وبالحجة والبرهان.
٢٩ - كل لهو ألهى عن واجب أو اشتمل على محرم أو غلب على الظن إفضاؤه إلى شيء من ذلك فهو حرام.
وتبني على ذلك فروع كثيرة.
منها: أنه يحرم كل لهو أفضى إلى تضييع الصلوات، أو ترك الجمع والجماعات، أو التفريط في حق من يعول من الأهل والولد والقرابات.
ومنها: حرمة كل لهو اشتمل على القمار.
ومنها: حرمة اللعب بالألعاب المشتملة على التماثيل والصور المحرمة.
ومنها: حرمة الألعاب التي يصاحبها فحش من القول أو الفعل أو كثرة للخصومة والجدال.
ومنها: حرمة الألعاب الخطرة من غير الحاذق بها.
ومنها: تحريم المغالبات التي يترتب عليها إيذاء المعصومين من الآدميين والإضرار بهم، كالملاكمة والمصارعة الحرة التي تقوم على أساس استباحة إيذاء كل من المتغالبين للآخر إيذاء بالغاً، وكمصارعة الثيران وما أشبه ذلك.
ومنها: تحريم ما يترتب عليه إيذاء البهائم والتحريش بينها.
٣٠ - اتفق العلماء على تحريم اللعب بالنرد والشطرنج إذا كان ذلك على مال أو غلب على الظن إفضاؤهما إلى محرم أو تفويتهما لواجب، ونقل جماعة الاتفاق على تحريم اللعب بالنرد ولو بغير مال، وهو الصحيح قطعاً لصحة الأدلة على ذلك وتصريحها بحرمة اللعب نفسه وتقليب الكعاب من غير ذكر للعوض.
وأما اللعب بالشطرنج على غير مال فالقول بمنعه قوي وظاهر؛ لأن جماعة من الصحابة أطلق عليه اسم الميسر، ولأن المفاسد الموجودة في النرد المنصوص على تحريمه موجودة في الشطرنج بل أكثر، ولأن الفوائد المذكورة موهومة لا حقيقية، ولو افترض وجود شيء منها فإنه معارض بمفاسد راجحة.