الشرط الأول: أن يكون الماءان من الزوجين (ماء الزوج مع بويضة الزوجة) حال حياتهما؛ بحيث لا يكون أحدهما أجنبياً عن الآخر، وأن لا تحصل المزاوجة بين الماءين بعد وفاة أحد الزوجين.
الشرط الثاني: أن تكون صاحبة الرحم التي تحمل وتضع هي نفسها صاحبة البويضة.
فكل طريق للإنجاب عُدل فيه عن هذين الشرطين أو أحدهما فهو طريق داخل في دائرة الحرام، ولا يجوز ممارسته والإعانة عليه، وإذا حصل الإنجاب به فنسب الولد يثبت لصاحب الماء من جهة الأبوة، ولصاحبة البويضة من جهة الأمومة، وتكون صاحبة الرحم أمّاً من الرضاع.
٦) لا يجوز شرعاً استنبات الجنين المجمد الصادر عن الزوجين بعد وفاة الزوج وإن كان ذلك في رحم الزوجة؛ لأن الموت يفصم العلاقة الزوجية بين الزوجين، ولِما يفضي ذلك إلى مفاسد؛ حرص الشرع على منعها، كما لا يجوز استنباته إذا انفصم عقد الزوجية بطلاق بائن أو رجعي، ويثبت نسب المولود إذا تم القيام بذلك إلى أبويه اللذين حصل اللقاح منهما.
٧) من الحلول الإسلامية البديلة عن (الأم البديلة)، أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة، وهذا الحل الذي يقدمه الإسلام يقلل كثيراً من المشاكل الأخلاقية الناجمة عن استعمال طرق العلاج الحديثة، كما أن هذا العلاج الإسلامي لا يشكل أعباء مالية كبيرة مقارنة مع الأموال الباهظة التي تنفق في سبيل إجراء عمليات التلقيح الصناعي خارج الجسد، هذا إذا كان المانع من الإنجاب هو الزوجة، أما إذا كان من الزوج فلا بأس حينئذ من استخدام التلقيح الصناعي الخارجي، مع أخذ الحيطة اللازمة التي تحفظ للأنساب والأعراض طهارتها ونقاءها.
٨) لا يجوز شرعاً غرس الأعضاء التناسلية التي لها دور في نقل الصفات الوراثية للإنسان، وهي التي تعرف بالغدد التناسلية، كالمبيض عند المرأة والخصية عند الرجل؛ لما ثبت علمياً أن غرسها بمنزلة خلط مائين أجنبيين، وأن نسب المولود يتبع الشخص المتبرِّع لا الشخص المتلقي، وهذا سبيله أنه يفضي إلى مولود انعقد من وجه محرم.
٩) إن تحليل الدم الذي يحدد فصيلته يصلح أن يكون - شرعاً - وسيلة لنفي النسب؛ لما تقرر علميا من أن اختلاف التراكيب الجينية بين المولود ومدعي الأبوة – بحسب تفصيله العلمي – يعد دليلاً قاطعاً على أن ادعاءه كان باطلاً.
وأما في حال التشابه في التراكيب الجينية لفصائل الدم فذلك لا ينهض دليلاً قاطعاً على إثبات النسب؛ لوجود كثير من الأشخاص يحملون الفصيلة نفسها، كما أنه في الوقت نفسه لا يكون قاطعاً على نفي النسب؛ إذ من المحتمل أن يكون المدعي أباً للمولود، فوجود هذا الاحتمال كاف للحوق النسب؛ لأن الشرع يقبل في إثبات الأنساب بأيسر الأدلة، ولما ينطوي ذلك على مصالح تعود على المولود في نفسه ونسبه ما لم يثبت عكس ذلك بقرينة يقينية أخرى للإثبات - (كالبصمة الوراثية) - تدل على بطلان ذلك النسب.
١٠) من الفوائد المستخلصة من هذه الدراسة: التنبيه إلى أن الفقهاء السابقين – رحمهم الله – اجتهدوا في ضبط النسب والتحقق منه بحسب ما كان متاحاً في زمانهم من وسائل للضبط والتحقيق، فاستعانوا بقرينة الحساب في ضبط الحمل، واعتبروا بحال الزوج في قدرته على الإنجاب، ولجؤوا إلى ضبط تاريخ النكاح ... فهذا كله يدل على أنهم قصدوا الوصول إلى اليقين في التحقق من النسب، ونفي كل دخيل عنه لأجل ما يستتبع الانتساب من أحكام شرعية جليلة، وما يحصل عن اختراقه من مفاسد. وأما نحن اليوم فقد فتح الله علينا من أنواع العلوم ووسائل الإثبات ما يمكننا من الوصول إلى اليقين، فعلينا توظيف هذه النعمة في خدمة أحكام الشريعة، وتحقيق العدل بين الناس.
١١) من الأفضل أن يكون الاجتهاد في مثل هذه القضايا النازلة - لاسيما التي يحتاج فيها إلى آراء الأطباء وتقاريرهم - أن يكون اجتهاداً جماعياً من قِبَل هيئة أو منظمة علمية تضطلع للنظر في هذه المستجدات، وتستجمع لها البحوث من المختصين على المستويين الطبي والشرعي؛ حتى تعرف ملابسات المسائل وصورها وأشكالها، وما قد يعتريها من استثناءات أو إشكالات، فتؤتى المسائل حقها من النظر الشرعي والعلمي، ويقل النزاع الدائر حول هذه المسائل، كما أنه يجعل المستفتي على اطمئنان بحكمها الشرعي، ولا يقع عرضة للالتباس أو التحير.