وقول الشيخ عبد الله بن عبد اللطيف والشيخ إبراهيم والشيخ ابن سحمان - رحمهم الله - بعد كلام طويل سبق إيراده:" وأما الدخول تحت حماية الكفار فهي ردة عن الإسلام ".
وقول السيد محمد رشيد رضا - رحمه الله -: " وجملة القول إن المسلم الذي يقبل الانتظام في سلك الجنسية يستبدل أحكامها بأحكام القرآن فهو ممن يتبدل الكفر بالإيمان. فلا يعامل معاملة المسلمين ".
وكذلك خلاصة فتوى لجنة الفتوى المصرية الذي وقع عنها رئيس اللجنة الشيخ على محفوظ وأمينها الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني، الحكم بردة من يقبل الجنسية الفرنسية.
وكذلك أفتى بذلك الشيخ يوسف الدجوي من كبار العلماء بالأزهر .. إلى غير ذلك مما تقدم تفصيله.
فإذا تأملت هذه الآيات وما دلت عليه، وكلام العلماء، وقارنت بينها وبين ما يفعله بعض الناس في هذه الأزمنة من طلب التجنس، الذي من لوازمه أن يصير المتجنس تابعا لقوانين وضعية نصوصها صريحة بالحكم بغير ما أنزل الله، وإباحة الزنا، وتعاطي الخمور، وارتكاب الفجور، وتحليل الربا، والاكتساب من طرق غير مشروعة، ومنع تعدد الزوجات، واعتبار ما زاد على الواحدة من قبيل الزنا المعاقب عليه، وإنكار نسب ما ولد له من زوجة أخرى حالة وجودها عنده، ولا حق له في نفقة ولا إرث، وفك العصمة من الزواج لا يتم إلا إذا كان لدى المحكمة الرسمية عندهم، وقسمة المواريث على طريقة مخالفة للفرائض الشرعية، وكون المتجنس مجبورا على الخدمة العسكرية في جيش الدولة التي انتمى إليها بهذه الجنسية، واستعداده للقتال في أي وقت الصلاة تقوم حرب على دولته، حتى ولو كان على دولة مسلمة.
يتضح من ذلك أن من يطلب الجنسية أو الرعوة كما يعبر عنها البعض من دولة كافرة ميلا إليهم، ومحبة في القرب منهم، والانضمام إليهم، والدخول في سلكهم، والرضا بسيطرتهم عليه، وعلى ذريته، فإنه داخل تحت قوله تعالى:{لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}[المجادلة: ٢٢] وقوله: {وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: ٥١]{وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيرًا}[النساء: ١١٥] إلى غير ذلك من الآيات في هذا المعنى.
ولكن نظرا إلى اختلاف أحوال المتجنسين بجنسية دولة كافرة فقد رأيت أن أقسمهم إلى ثلاثة أقسام، حسب ما فهمته من تتبع الأحوال، واستقراء لواقع الناس اليوم، وأنه ينبغي التفصيل في الحكم بالردة أو عدمها:
القسم الأول: إذا أخذ الجنسية من يرغب بلاد الكفار، ويحبهم، ويحب البقاء بينهم، ويرى أن معاملتهم والانتماء إليهم أفضل من المسلمين، وأنه راض بإجراء أحكامهم عليه من الحكم بغير ما أنزل الله في الأحكام والنكاح والطلاق والميراث، فهذا لا شك في كفره، وهو مرتد عن دين الإسلام، ردة صريحة، حتى ولو قال: إنه مسلم، ولو شهد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وصلى وعمل ببعض شرائع الإسلام، لأن الله يقول:{وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} ويقول: {أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاء مَن يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إلى أَشَدِّ الْعَذَابِ}[البقرة: ٨٥]، وقوله صلى الله عليه وسلم:((المرء مع من أحب)).