للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القسم الثاني: راض بالانتماء إليهم لمصالحه الدنيوية ومعاملاتهم التجارية، فأخذ الجنسية منهم ليتم مقصوده من حصول الدنيا والتسهيلات التي تحصل للمنتمين إليهم، وهو مؤد لشرائع الإسلام، مظهر لدينه، ولا يترافع إليهم باختياره، فإذا صدر منهم الحكم له بما لا يخالف الشريعة قبله. وإن صدر بما يخالف الشريعة رفضه. فأرى أن مثل هذا على خطر عظيم من تناول بعض الآيات، حيث آثر دنياه على آخرته، وقد ارتكب منكرا عظيما، فهو على خطر من الردة عن دين الإسلام، لركونه إليهم، وبقائه بين أظهرهم، لكن لا أجزم بالحكم عليه بالردة، فأتوقف في ذلك، ولكنه بأخذه الجنسية أظهر الميل والمحبة لهم، وعرض نفسه للدخول تحت قوله تعالى: {قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ} [التوبة: ٢٤]، وقوله تعالى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢].

القسم الثالث: من بلي بهم في بلاده وهو كاره لهم، ومبغض لدينهم، وحكموه بغير رضاه، وأرغموه على التجنس، أو مغادرة بلاده، وأهله وأولاده، فقبلها للبقاء في بلاده على ماله وأهله وولده، ومع ذلك مقيم لشرائع الدين، مظهر لدينه، معلنا العداء لهم، مصارحا لهم بكفرهم، وأنهم على باطل، وأن دينه هو الحق، فمثل هذا لا شك أنه على خطر في بقائه، عاص، وآثم بقبوله الجنسية، بمقدار ما ألزم نفسه فيها، لكن لا نحكم عليه بالكفر ما دام أنه عمل ما في وسعه من عدم اتباعهم وموافقتهم على باطلهم ومن إظهار دينه، ولكن بقاؤه بين أظهر الكفار فيه خطر عليه، وعلى أولاده، ومن تحت يده.

أما البقاء بين أظهر الكفار بدون أخذ للجنسية أو طلب لها فهذا قد فصله العلماء رحمهم الله في كتبهم قديما وحديثا.

وخلاصته أن من استطاع أن يظهر دينه بأن يعمل الواجبات الشرعية بدون تحفظ من أحد مع إعلانه لمن هو بين أظهرهم أن دين الإسلام هو الدين الصحيح، وهو دين الحق، وما سواه من الأديان فهو باطل، ولابد من التصريح لهم بأن ما هم عليه من الدين ليس بصحيح، وأنه يجب عليهم اعتناق دين الإسلام، والإيمان بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، والعمل بشرائع الإسلام، فإذا فعل هذا، فإنه يجوز في حقه البقاء عندهم، وإذا لم يستطع فإنه يجب عليه الهجرة إلى بلاد الإسلام، ولا يجوز له البقاء بينهم، وهو لا يستطيع إظهار دينه.

هذا وأسأل الله العفو عن زلة قلم، أو نبو فهم، كما أبتهل إلى الله جل شأنه أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وآله وصحبه.

<<  <  ج: ص:  >  >>