ودفع القتل بعده ثم تترتب فضائل الدفع بمراتب المدفوع في سوئه وقبحه وعد هذا معروفا بالعقل قبل ورود الشرع ومن أراد أن يعرف المصالح والمفاسد راجحها من مرجوحها فليعرض ذلك على عقله بتقدير أن الشرع لم يرد به
ـ النقطة الرابعة: إبراز الوسائل وتنوعها لتحقيق مقاصد الشريعة حتى لا يصيب المكلف ملل ولا ضيق أو يعتريه فتور في تحقيق والمحافظة عليها.
النقطة الخامسة: كثرة الطرق الموصلة إلى معرفة المصالح الدنيوية عند الإمام.
النقطة السادسة: النظرة الشاملة من الإمام لتحقيق المقاصد العامة إذ يرى إصلاح القلوب وتزكية النفوس والتخلق بصفات الله والاتصاف بها عامل مهم في تحقيق المقاصد المكلفة لقصد الشارع.
ـ النقطة السابعة: تحريره تحريرا شافيا كافيا لمسألة الثواب في المصائب فكان بذلك أستإذا لمن جاء بعده كالشاطبي
ـ النقطة الثامنة: اتسام منهج الإمام التغييري بالشمولية بحيث نجده يتراوح بين اللين والشدة وبين الموعظة والقتال ذلك بأن الإمام ينظر إلى كل الظروف التي يحتمل أن تواجه الداعية في دعوته لتطبيق شرع الله وتحقيق مقاصده.
الوقفة الثانية: أهم النتائج المتوصل إليها.
ـ أولا: الاعتراف بجهود هذا الإمام ولفت الأنظار إلى فضله العظيم في تأسيس علم
المقاصد واهتمامه بها الأمر الذي مهد الطريق للذين جاؤوا من بعده.
ويمكن القول بأن مشروعه تجديديا إحيائيا لترميم تصدعات الحياة الإسلامية ولكن لم تتهيأ له الأجواء السياسية والثقافية والاجتماعية ليعطي ثماره الحضارية تجديدا ونهضة ذلك بأن عصره – كما مر معنا في ترجمته – عصر انقسامات واستعانة بالكفار وإعانة لهم على المسلمين.
ومن حقنا أن نتساءل عن المصير الذي قدر لهذا المشروع منذ نهاية القرن السابق مرورا بالشاطبي وابن عاشور إلى يومنا هذا ولعل همم بعض طلاب العلم تجعل هذا التساؤل رسالة علمية كما أنني لست بمبالغ عند اعتبار أن الفكر الإسلامي اليوم في أمس الحاجة إلى الاستنارة بمثل أفكار هذا الإمام العالم ذي الشخصية العلمية الفذة وإلى كل من آرائه واجتهاداته هذه الآراء والاجتهادات التي أعلت من شأن أصول الفقه بأن فتحت له بابا جديدا وهو فن مقاصد الشريعة.
وأن ما في هذا الرسالة من اجتهادات الإمام وآرائه لا تغني عن الرجوع إلى مؤلفاته والنهل من نبعها الصافي.
ثانيا: الاعتراف بجهود الإمام في محاربة التقليد والركود والجمود ودعوته إلى الاجتهاد المتعمق الذي يستوعب كل الحياة بجميع تطوراتها ومتغيراتها الاجتماعية والسياسية ولا يتوصل إلى ذلك إلا بالتعمق في فهم النصوص الشرعية في أبعادها الأصولية والفقهية والمقاصدية.
ثالثا: المقاصد العامة ثابتة لا تتغير ولا تختلف باختلاف الأمم والعوائد والأزمنة وإن اختلفت بعض مصالح الناس باختلاف الأزمان والأعراف ومن هنا كانت دعوة ابن عاشور لصهر مسائل أصول الفقه وإعادة ذوبها في بوتقة التدوين وتسميتها بمقاصد الشريعة
ـ رابعا: تعد مقاصد الشريعة الركن الثاني من أركان أصول الفقه – وركنه الأول هو:
الفهم الذي يقوم على جانب الاستكشاف والتجريد والتعميم – وهي بمثابة تنزيل الأحكام المجردة على واقع الأحداث ومستجدات الأمور بمعطياتها الزمانية والمكانية وملابساتها الشخصية فـ "مثل ما يتوقف استنباط الأحكام الشرعية على الألفاظ فإنه يتوقف على مقاصد اللافظ
ومع كون المقاصد مبحثا أصوليا إلا أنه يكاد يكون مفقودا في كتب الأصول كمبحث مستقل قائم الذات إلا من بعض الإشارات في مباحث العلة أو المناسبة أو الاستصلاح ...