للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال الرابع وهو ما إذا كان أحد القولين مشهوراً وراجحاً والآخر شإذا وضعيفاً الجلوس على الحرير الخالص للرجال فإنه حرام على المشهور لكثرة قائلة وحرام على الراجح أيضاً لقوة دليل التحريم وهو نهيه صلى الله عليه وسلم الرجال عن لباس الحرير فإن الجلوس عليه من جملة اللباس بدليل قول أنس بن مالك أن هذا الحصير قد اسود من طول ما لبس ومعلوم أن لباس الحصير هو الجلوس عليه وأما قول ابن الماجشون أن الجلوس ليس من اللباس في شيء فمَرْدود بكلام أنس المتقدم وأما تأويله كلام أنس بأنه كان يجعل حصيره غطاء فبعيد جداً وهذا على تسليم أن النهي إنما ورد عن اللباس فقط وليس كذلك بل ورد عن الجلوس أيضاً فيكون مقابله وهو الجواز شإذا وضعيفاً وهو لابن الماجشون وبعض الشافعية والكوفيين والمراد بالكوفيين الحنفية كما صرح به الأمير وكما يؤخذ ذلك من كلام القسطلاني في كتاب الشفعة وبيان وجه الأخذ منه أنه نسب القول بثبوت الشفعة للجار للحنفية فقط ثم بعد ذلك عبر عنهم بالكوفيين ونسبه لهم فقط والله أعلم ثم أن الجلوس عليه حرام على الرجل ولو بالتبعية للمرأة والقول بجوازه تبعاً لها ضعيف لا يعمل به إلا في الضرورة هذا حكم الجلوس عليه وأما لباسه فحرام على الرجال إجماعا وقد صرح العلامة الخرشي بالإجماع عند قول الشيخ خليل وعصى وصحت وكذا صرح به غير واحد ومستند الإجماع الحديث المتقدم قريباً وما أخرجه ابن حبان في صحيحه أن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب عليّ متعمداً فليتبوّأ مقعده من النار وأشهدكم أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لبس الحرير في الدنيا حرمه في الآخرة وأما ما ذكره القلشاني في شرح الرسالة من الخلاف فقال بعض العلماء من الفاسيين أن ذلك الخلاف كان قبل انعقاد الإجماع وحينئذ فلا ينبغي أن لا يذكر هذا الخلاف لئلا يغتر به إلا بقصد التنبيه على أنه كان قبل انعقاد الإجماع هذا حكم لباسه وأما تعليقه فإن كان مع استناد الرجال عليه فهو حرام كالجلوس عليه وإن كان من دون استناد إليه فهو جائز قال العارف الفاسي رضي الله عنه في حاشيته على المختصر عند قول خليل في الوليمة كفرش حرير وقد ذكر ابن عرفة أن ما كان من ذلك أي من الحرير الخالص لمجرد الزينة بحيث لا يستند إليه ولا يجلس عليه إلا ظهر خفته قال ولا يصح كونه مانعاً من وجوب الإجابة للولائم وكذا قال ذلك التتائي اهـ منها وفي كتاب الجامع لجمل من الفوائد والمنافع للشيخ زروق رضي الله عنه ما نصه فأما فرش الحرير فلا يجوز الجلوس عليها ولا يمتنع من الإجابة لأجلها اهـ المقصود منه فقوله ولا يمتنع من الإجابة لأجلها أي إذا كان فرش الحرير لا يجلس عليها أحد بحضرته كما لا يجلس هو عليها وإلا فتحرم الإجابة كما يدل على ذلك قوله فلا يجوز الجلوس عليها ومثل جلوس الرجال على الحرير استنادهم إليه وقد نص الخرشي والزرقاني في باب الوليمة على أن تعليق الحرير من غير استناد رجل إليه لا يمنع من الإجابة للولائم وسلم كلامهما كل من حشى عليهما وهذا كله في الخالص بلا حائل فلو كان مع الحائل فقيل يحرم أيضاً وهو للمازري وعياض كما عند الزرقاني عند قول خ وعصى وصحت الخ وقيل يجوز وهو الذي صرح به العارف بالله الفاسي والبرزلي والبطريني والمرجاني ونقله الشيخ بناني في باب الوليمة ويلمه.

فإن قلت: إن الشيخ بناني وغيره ذكرو أن جواز الجلوس على الحائل مقيس على الصلاة على الثوب الذي تحته نجاسة ومعلوم أن المنصوص وهو ما للمازري وعياض مقدم على المخرج.

<<  <  ج: ص:  >  >>