قلت: كما تقوّى الأول بكونه منصوصاً تقوى الثاني بتلقي العلماء المذكورين آنفاً له بالقبول وبكونه مأخوذاً من المدونة كما ذكر ذلك العلامة الرهوني عند قول خ ولمريض بستر نجس إلى قوله وكذا الصحيح على الأرجح وباقتصار الشيخ بناني عليه في شرحه على المختصر فالقولان مرجحان معاً والله أعلم.
هذا كله حكم الحرير الخالص ويلحق به كما ذكره الشيخ علي الأجهوري ما إذا كان الغالب فيه حريراً بأن كان سداه حريراً ولحمتُه من حرير وغيره أو العكس نقله الصعيدي على الرسالة وأما الخز ففيه طريقان مرجحان معاً الأولى أنه ما سداه حرير ولجمته صوف أو قطن أو كتان فهذا فيه أقوال ثلاثة فقيل جائز وعليه يحمل لباس الإمام مالك له وكذلك شيخه ربيعة وقيل حرام وقيل مكروه وهو أشهر الأقوال وأما إذا كان سداه من صوف ولحمته من حرير فهو حرام على هذه الطريقة وقد صرح بحرمته الخرشي في الكبير كما نقله عنه الصعيدي ويؤخذ هذا التحريم من تعريف الخز المذكور عند الزرقاني وقد سلم ذلك التعريف الشيخ بناني والتاودي والرهوني الثانية أن الخز هو ما سداه حرير ولحمته صوف أو بالعكس فكلا الصورتين من الخز مكروه على هذه الطريقة وعليها مشى الشيخ جسوس في شرح الشمائل والصعيدي على الرسالة والشيخ التاودي على البخاري ناقلاً ذلك عن ابن العربي والله أعلم وأما تغطية الُجدْران بالحرير الخالص فلا يحرم إلا استناد الرجال إليه نعم تغطية الجدران بالستر المذهَّبة أو المفضضة فذلك حرام ولو من غير استناد إليها والفرق بين ستر الحرير والستر المذهبة أن حرمة الحرير أخف من حرمة الذهب والفضة كما نص على ذلك غير واحد وممن نص على ذلك عز الدين ونصه بعد كلام لأن أمر الحرير وغيره إذا كان الحرير مغلوباً ولا يجوز مثل ذلك في الذهب والفضة نقله عنه البرزلي في مسائل الصلاة ونقل ذلك عن البزرلي شارح العمل وكذا نقل ذلك عن البرزلي الشيخ الطيب بن كيران في بعض تآليفه.
ويدل أيضاً على أن الحرير أخف حرمة ستور الذهب والفضة على الرجل والأنثى كما مر بخلاف ستور الحرير فإنه يجوز للمرأة الاستناد إليها دون الرجل فمن نظر للستور المذهبة أو المفضضة على جهة الرضا باستعمالها فقد رضي بالمعصية والرضا بالمعصية معصية وأما قول الصعيدي وقد رأيت ما نصه ويجوز الجلوس تحت الستائر التي على الجدران وكذا تحت السقف المذهبة اهـ كلامه فهو إما ضعيف أو يحمل على الجلوس اضطراراً لا اختياراً والله أعلم.
فإن قلت: إنا أدركنا جماعة من العلماء يحضرون الولائم وفيها سترٌ مذهبة ولا ينكرون شيئاً من ذلك.
قلت: لا دليل في فعلهم على جواز ذلك لأنهم غير معصومين ولو سألتهم لصرحوا بالحرمة.