يمكن لسندات الإجارة أن تقدم أداة تمويلية قادرة على تعبئة الموارد من صغار المدخرين، كما يمكن النظر إليها على أنها أداة استثمارية، سريعة التحويل إلى نقد بسبب سهولة تداولها. الأمر الذي يجعلها صالحة لاستيعاب الفوائض النقدية للبنوك الإسلامية، والاستثمارات القصيرة الأجل للأموال التي هي قيد الانتظار.
وهي بنفس الوقت أداة تصلح لتمويل التنمية بكل قطاعاتها الرئيسية، سواء في ذلك مشروعات البنية التحتية، أم الخدمات العامة، من ماء، وكهرباء، ومواصلات سلكية أو لاسلكية، ونقل، وغيره، كما تصلح لتمويل المشاريع الإنتاجية الكبيرة.
لذلك نرى أن تعميق وتوسيع البحث العلمي حول سندات الإجارة والأعيان المؤجرة يمكن أن يؤديا دور كبيرا، في إعادة هيكلة تمويل التنمية، في البلدان الإسلامية، وإعادة تشكيل سوق المال، بشكل يجعل منها وسيلة فعالة لدعم التنمية السلعية وتنمية الإنتاج الحقيقي للسلع والخدمات.
ويتأتى على البنوك الإسلامية أن تدرس إمكان إصدار سندات إجارة وأعيان مؤجرة لتمويل كثير من المشروعات الإنمائية في البلدان الإسلامية. ولعله لن يكون بعيدا اليوم الذي نجد فيه شركات متخصصة، تتوسط في إصدار وترويج سندات الإجارة والأعيان المؤجرة، بكل أنواع صورها. بالإضافة إلى إنشاء هيئات حكومية متخصصة في تعبئة الموارد المالية اللازمة للمشروعات التنموية على أساس سندات الإجارة.
وحتى يتسنى ذلك، نقترح أن تركز الأبحاث المستقبلية – في هذا المجال – على المسائل الإجرائية والقانونية اللازمة لإدخال أنواع من سندات الإجارة والأعيان المؤجرة، في أسواق الاستثمار، في البلدان الإسلامية، وأن تكون للبنوك الإسلامية مبادرة في هذا المجال. وذلك خدمة للمستثمر المسلم، ولأهداف التنمية في الدول الإسلامية، مع مراعاة التوجه الربحي للبنك الإسلامي. كما يقترح دراسة المشكلات الضريبية، التي تنشأ عن تطبيق كل من الإجارة، وسندات الإجارة والأعيان المؤجرة في ظل الأنظمة الضريبية، الموجودة في البلدان الإسلامية. وذلك إضافة إلى بعض المسائل الفقهية الجانبية، التي أشرت إليها في طيات البحث.
يضاف إلى ذلك مسألة، تجنبها البحث الراهن، وهي الحصول على الأموال الجاهزة – بواسطة الإجارة – من خلال الإفادة من الموجودات الثابتة المملوكة للمتمول نفسه، سواء أكان حكومة، أم مؤسسة من مؤسسات القطاع الخاص. وهو ما يسمى بالبيع مع شرط الإجارة للبائع Sale and lease Back. والسبب في عدم بحثها هو أنها لا تعتمد على إنتاج عين، توضح في الدورة الاقتصادية، أو منفعة أو خدمة يبرمج إنتاجها، ويلتزم المنتج – من خلال سندات إجارة المنافع والخدمات – بتقديمها لحامل السند. بل إنها تقصد إلى إعادة تمويل Refinancing عين موجودة، بقصد استعمال الأموال الجاهزة لهدف آخر، قد يكون تنمويا، وقد لا يكون.
يضاف إلي تلك، أن مسألة البيع مع شرط الإجارة للبائع تتضمن جوانب شرعية تحتاج إلى اجتهاد جديد، ليس الباحث مؤهلا له. ولكن الموضوع جدير بالاهتمام الشرعي والمالي، نظرا لما يمكن أن يكون له من تطبيقات كثيرة في أسواق التمويل.