٣ - إن في اشتراط الضمان على المستأجر جهالة بالغة وغرراً، وذلك لدخول المستأجر على عقد في مخاطرة كبيرة قد يغنم فيها وقد يغرم، وقد يقتصر الأجرة على ما تم تسميته في العقد وقد تزيد زيادة كبيرة وأضعافاً مضاعفة عن المسمى في العقد، وقد تزيد زيادة يسيرة نتيجة ضمان العين المستأجرة.
• حكم اجتماع عقدين في عقد:
بعد تأمل الأحاديث الواردة في حكم اجتماع عقدين في عقد، وتتبع كلام أهل العلم حولها، وعرض خلافهم في تفسير بعض هذه النصوص؛ فقد ظهر للباحث ما يأتي:
الأصل في العقود الإباحة والحل حتى يثبت المحرم والحاظر، وعليه فإن مجرد اجتماع عقدين فأكثر في عقد واحد جائز؛ إذ لا دليل على تحريمه إلا إذا انضم إلى ذلك علة أخرى تؤدي إلى جعله محرماً، وإن أبرز هذه العلل والضوابط التي إن وجدت في العقود المجتمعة فإنها تؤدي بها إلى الحظر والتحريم ما يأتي:
١ - اجتماع العقود على وجه فيه غرر فاحش، وجهالة. وإن أبرز ما ينطبق عليه الضابط السابق ما نص عليه السلف من الصحابة والتابعين ومن تبعهم من صورة مفادها أن يبيع السلعة بأحد ثمنين؛ أحدهما نقد، والآخر نسيئة، ثم يبرم المتعاقدان العقد على أن البيع قد لزم بأحد الثمنين، ثم يفترقان دون تعيينه.
٢ - اجتماع العقود على وجه يصيرها ذريعة، أو حيلة، أو تؤول إلى الربا. ويعد هذا الضابط أو القيد من الأهمية بمكان؛ وذلك لأن اجتماع العقود في عقد يكون في حالات ليست بالقليلة حيلة وقنطرة إلى الربا المحرم؛ فيكون ظاهر هذا العقد فيه الرحمة وباطنه من قبله العذاب، وإن من أبرز ما ينطبق عليه هذا الضابط من الصور بيع العينة، واشتراط عقد معاوضة في عقد القرض، أو العكس.
٣ - اجتماع عقود متضادة. والمراد بالحظر هنا هو اجتماع عقود مختلفة في شروطها وأحكامها إذا ترتب على ذلك تضاد في الموجبات، والآثار، وهذا إنما يكون في حالة توارد عقدين – فأكثر – على محل واحد في وقت واحد وأحكامها مختلفة متضادة.
• اشتراط الإجارة في عقد البيع:
المراد به أن يشترط البائع على المشتري أن يؤجره العين المباعة، أو غيرها.
هذا وقد اختلف أهل العلم في حكم اشتراط ذلك على قولين، الراجح منهما ما ذهب إليه المالكية في المشهور من المذهب، وهو قول في مذهب الشافعية، ورواية عند الحنابلة، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم من جواز اشتراط الإجارة في عقد البيع، وأن كلا العقدين صحيح مع لزوم الشرط.
• حكم التأجير المنتهي بالتمليك:
للتأجير المنتهي بالتمليك صور متنوعة، أهمها:
١ - التأجير المنتهي بالتمليك تلقائياً وبلا ثمن. والذي يظهر للباحث في تكييفها أنها عقد إجارة اقترن به عقد هبة معلق على تمام سداد أقساط الإجارة؛ وعليه فإن الراجح جواز هذه الصورة بالضوابط الآتية: أن يكون العقد الأول عقد إجارة حقيقي مستجمعاً لأركانه، وشروطه، وأن تترتب على عقد الإجارة جميع آثاره المقررة شرعاً للمؤجر والمستأجر، ومن أهم ما يجدر التأكيد عليه في هذا المقام أن تكون العين المؤجرة في ضمان المؤجر، وأن لا يقترن بالعقد شروط محرمة أو فاسدة، كاشتراط تأمين تجاري على العين المؤجرة أو غير ذلك.
٢ - التأجير المنتهي بالتمليك بثمن. وذلك بأن يستأجر أحدهما عيناً من الآخر بأجرة معلومة مقسطة على آجال محددة معلومة، في مدة معلومة، وينص المؤجر في العقد على أنه قد باع هذه العين المؤجرة من المستأجر بيعاً باتاً معلقاً على تمام سداد جميع أقساط الإجارة. والذي يظهر للباحث تحريم هذه الصورة بالكيفية الآنفة الذكر.