لا يخلو تأجير الجزء المشاع من إحدى حالتين:
الحالة الأولى: أن يقوم بتأجيره على شريكه. وقد اتفق فقهاء المذاهب الأربعة على جواز إجارة المشاع في هذه الحالة.
الحالة الثانية: أن يؤجر ملكه المشاع على غير شريكه. وقد اختلف العلماء في حكم هذه الحالة على قولين، الراجح منها القول بتجويز إجارة المشاع، وإليه ذهب أبو يوسف ومحمد بن الحسن، والمالكية، والشافعية، وقول عند الحنابلة، مستدلين لصحة ما ذهبوا إليه بأدلة منها:
١ - أن المشاع يصح شراؤه فتصح إجارته.
٢ - أن المشاع منفعة، وتسليمه للمستأجر ممكن، إما بالتخلية بينه وبين الشقص المشاع، وإما بالقسمة؛ فاستيفاء المنفعة غير متعذر من المشاع لكونه معلوم بالنسبة كنصف وثلث فتمكن قسمته وحيازته في أي وقت، فيكون لا فرق بينه وبين غير المشاع.
٣ - إجارة المشاع عقد إجارة صحيح قد استكمل أركان الإجارة، واستجمع شروط صحتها، وانتفت عنه موانع انعقادها.
• أحكام نفقة العين المستأجرة:
١ - يظهر لمن أمعن النظر في كلام الفقهاء – رحمهم الله – اتفاقهم على إلزام المؤجر بإصلاح وتهيئة العين المؤجرة بكل ما يتمكن به المستأجر من استيفاء منفعة العين المعقود عليها.
٢ - كذلك من الأمور المقررة والتي هي محل اتفاق بين الفقهاء في هذا الباب أن المؤجر يلزمه كل ما جرى العرف واستقر عليه من الواجبات والحقوق.
٣ - يلزم المؤجر أن يقوم بجميع النفقات والخدمات التي نص عليها العقد، سواء أجرى بها العرف أم لم يجر.
٤ - وأما إذا حدث في العين المؤجرة خلل أو عيب يتطلب إصلاحاً وصيانة كانهدام بعض الدار، أو حاجة محركات السيارة إلى إصلاح، أو تلف إطارات السيارة، فهل يجبر المؤجر على إصلاحها؟
إذا كان الخلل، أو النقص كبيراً – كانهدام بعض غرف الدار المستأجرة – فلا يجبر المؤجر على إصلاحه باتفاق الفقهاء، وأما إن كان الإصلاح الذي تحتاج إليه العين يسيراً، فقد اختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة على قولين، الراجح منهما القول بأن المؤجر يجبر على إصلاحه، وهو قول عند المالكية، وقول عند الحنابلة ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية. هذا وقد عللوا ما ذهبوا إليه، بأن المستأجر قد استحق منفعة العين المعقود عليها بصفة السلامة والصحة؛ والوفاء بالعقد واجب، وعليه فيجبر المؤجر على إصلاح هذا الخلل، وخاصة مع كونه يسيراً لا مضرة فيه على المؤجر.
• ضمان العين المستأجرة:
لا خلاف بين العلماء في كون يد المستأجر على العين المؤجرة يد أمانة؛ وعليه فضمان العين المستأجرة على مالكها – المؤجر – ما لم يتعد المستأجر أو يفرط، إلا أن الفقهاء قد اختلفوا فيما لو اشترط المؤجر في عقد الإجارة أن تكون العين المؤجرة مضمونة على المستأجر مطلقاً – حتى وإن لم يتعد أو يفرط – على قولين. أرجحهما القول بأن اشتراط ضمان العين المؤجرة على المستأجر شرط باطل لا يصح وهو قول الجماهير من الحنفية والمالكية والشافعية، والمذهب عن الحنابلة، وقد استدل الجمهور بجملة أدلة منها:
١ - اشتراط الضمان على المستأجر غير مشروع لأنه ينافي مقتضى العقد؛ وذلك لأن مقتضى عقد الإجارة أن يد المستأجر يد أمانة لا تضمن إلا بتعد أو تفريط. وحتى لو رضي المستأجر بهذا الشرط فإنه لا يلزمه لأنه خلاف الشرع؛ ولأن رضا المتعاقدين لا يجعل الحلال حراماً ولا الحرام حلالاً.
٢ - ما روي، أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط، وعليه فلا يصح اشتراط الضمان على المستأجر لأن الإجارة بيع منافع، فلا يصح أن يجمع معها شرطاً، وهو الضمان على المستأجر.