النتيجة الثانية عشرة: لا يظهر لي مانع – أسأل الله تعالى عفوه – من تعدد علل تنتج كل منها نفس المعلول، على معلل واحد كاجتماع ترك الصلاة، والقتل العمد والعدوان، على شخص واحد فإن كلا من العلتين تنتج القتل لصاحبها – عياذا بالله تعالى من كل سوء - ويبقى النزاع بعد ذلك في هل قتل بهذه العلة أو بتلك أو بهما معا، نزاعا لفظيا لا طائل وراءه.
النتيجة الثالثة عشرة: أن مجال القياس هو ما لا نص فيه من كتاب أو سنة، ولا إجماع يدل على حكم الله تعالى فيه.
النتيجة الرابعة عشرة: أن كثيرا من الأصوليين يستشهد عند الخلاف في التعليل بالعلة القاهرة ما إذا كانت مستنبطة، أما إذا كانت منصوصة فقد نقل الاتفاق على جواز التعليل بها، وليس كذلك فقد نقل السبكي الخلاف في التعليل بها حتى وإن كانت منصوصة.
النتيجة الخامسة عشرة: أن عمدة حجة من لا يرى التعليل بالعلة القاصرة هو أنه لا فائدة فيها، من حيث تعدية الحكم إلى فرع آخر، ثم هي ليست كاشفة عن شيء من حيث كون معرفة الحكم في محلها ثابتة بالنص ونحوه، وليست بمظهرة حكما في غير محلها.
النتيجة السادسة عشرة: أن في العلة القاصرة فوائد عدة عند من يرى التعليل بها، منها:
- معرفة كونها باعثة على الحكم بما اشتملت عليه من المناسبة، فتكون النفس له أكثر قبولا، والصدر إليه أكثر انشراحا – شرح الله صدورنا للإسلام -.
- إذا نازعت العلة القاهرة في محل الحكم، علة متعدية، لم يعمل بالمتعدية حتى يظهر رجحان العمل بها على العلة القاصرة.
- أنه يمتنع تعدية الحكم من محل العلة القاصرة إلى فرع آخر إذا عرف قصور العلة على ذلك المحل.
النتيجة السابعة عشرة: أن من أوضح الفوائد من التعليل بالعلة القاصرة، هو معرفة مناسبة الحكم للمعنى الظاهر من وصف منضبط في أصل محل الحكم، فإذا عرف ذلك فقد يلوح في مستقبل الأيام وجود ذلك المعنى في محل آخر جديد، فيكون سببا في تعديه حكم الأصل عليه، وقد نبه إلى هذا المعنى أبو إسحاق الشيرازي – رحمني الله وإياه -. وأوضح مثال له الآن هو قصور الثمنية على النقدين –الذهب والفضة – ردحا من الزمان، ثم وجود نفس المعنى – وإن كان بشكل أقل – في أنواع النقود الأخرى من ورق ونحاس وغيرها من المعادن فيتعدى حكم النقدين إليها.
النتيجة الثامنة عشرة: يبدو أن الرأي القائل بكون العلة القاصرة صحيحة، هو الراجح لسعادته بالدليل أكثر ممن يقول بعدم فائدة فيها، وذلك لما تقدم ذكره من فوائد للتعليل بها، وبه يظهر أن الخلاف فيها قد يكون معنويا، بيد أن بعضهم – رحمني الله وإياهم – يرى أن الخلاف في التعليل بالعلة الواقفة لفظي، من حيث إن من لا يرى التعليل بها لا يرى علة إلا ما كان متعديا، ولا ينكر ظهور المعنى بالقاهرة، وإن لم يسمها علة، ومن يرى التعليل بها لا يدعي أنها تتعدى إلى فرع بحكم فيه بحكم محلها، فعاد الخلاف لفظيا. ولا يظهر له معنى إلا إن جد جديد يظهر فيه نفس المعنى الذي من أجله شرع الحكم في الأصل، فتتحول العلة فيه من كونها قاصرة إلى كونها متعدية. والله تعالى أعلم.
النتيجة التاسعة عشر: أن التعليل بالعلة القاصرة له عدة صور، فقد يكون بوصف الحال الخاص به الحكم، وقد يكون بجزء المحل، وقد تكون المحل نفسه.
النتيجة العشرون: قد تتعارض العلة القاصرة والعلة المتعدية في المحل الواحد، في ذهن المجتهد، وقد اختلف في العلم عندئذ على أيهما يكون، والراجح أن يكون العمل بما ترجح في ذهن المجتهد منهما أنه الأحق بالتقديم، شأنهما في ذلك شأن العمل بالراجح من الأدلة عند التعارض إذا لم يمكن الجمع بينهما.