النتيجة الواحدة والعشرون: أن النقدين اسم يطلق على الذهب والفضة، من حيث إن اسمهما مشتق من النقد وهو الفحص والتمحيص ليظهر حقيقة المنظور، أو من النقد بمعنى الدفع الحاضر – أسأل الله تعالى النظر إلى وجهه الكريم -.
النتيجة الثانية والعشرون: أن اسم النقد يطلق على كل ما فيه خاصية الذهب والفضة من حيث إنهما وسط لتبادل المال، ومقياس للقيم، ومستودع للثروة، فما كان بهذه المثابة من ورق، أو معدن، فهو داخل في مسمى النقد، فلم تعد النقدية خاصة بالذهب والفضة وإن استقلا بخاصتها أزمانا متطاولة في الماضي، أسأل الله تعالى أن يختصنا برحمته إنه ذو الفضل العظيم.
النتيجة الثالثة والعشرون: أن الثمنية ليست علة قاصرة على النقدين لا قديما ولا حديثا، فقد تقايض الناس السلع قديما وحديثا، واعتبروا أنواع النقود حديثا ذات قيمة ثمنية عالية بها أصبحت تلك النقود مستودعا للثروة، ومقياسا لقيمة الأشياء، وبكثرتها وقلتها عند الأشخاص يتميز الفقراء من الأغنياء.
النتيجة الرابعة والعشرون: أن الخلاف في مسألة زكاة الأثمان من غير النقدين، خلاف طارئ شأنه في ذلك شأن الخلاف في جريان الربا فيها، فمسائل الخلاف فيها كلها طارئة بطروئها، ومبنى رأي كل فيما ذهب إليه من وجوب الزكاة وعدمه ونحو ذلك هو التخريج على قواعد المذهب الذي ينتمي إليه كل من المختلفين – رحمني الله وإياهم -. النتيجة الخامسة والعشرون: أن من العلماء المعاصرين من لا يرى الزكاة واجبة أصلا في النقود ما لم تكن ذهبا أو فضة. ومنهم من يفصل فلا يرى فيها الزكاة ما لم تقبض قيمتها، وقيمتها عنده ما هي مغطاة به من ذهب مخزون في خزانة مصدر النقد، ولازم هذا أنه لا زكاة فيها ما لم يكن لها غطاء من ذهب أو فضة.
النتيجة السادسة والعشرون: أن عمدة حجج من لا يرون من العلماء – رحمني الله وإياهم – وجوب الزكاة من أثمان غير النقدين دائرة حول قصور الثمنية على النقدين وحرمة مال المسلم بغير حق شرعي، ولم يوجب ربنا تعالى على المسلم في ثمن زكاة إلا في النقدين.
النتيجة السابعة والعشرون: أن الاحتجاج بقصور الثمنية على النقدين في عدم إيجاب الزكاة في الأثمان من نقود الورق وما يشبهها ساقط، لأن النقود الورقية مال مشاهد الانتفاع به في جميع مجالات الانتفاع من الأموال، فشابه النقدين من هذه الحيثية، فكيف يعطل عنه حكم النقدين وقد اشترك معهما في الثمنية؟
النتيجة الثامنة والعشرون: أن كون الثمنية هي علة تحريم الربا في النقدين غير مسلمة، بل خالف فيها بعض العلماء – رحمني الله وإياهم – ولو سلمت جدلا، فإنها لا تمنع الربوي من وجوب الزكاة فيه بشروطها. النتيجة التاسعة والعشرون: أن كون نصاب الزكاة من النقود من غير الذهب والفضة لا يقدر إلا بالذهب أو الفضة وكذلك المستحق في الزكاة، لا يمنع من وجوب الزكاة في تلك النقود، فلا يبعد أن يصل مال زكوي نصاب الزكاة مقدرا بمال زكوي آخر، كالحاصل في عروض التجارة، حيث يقدر نصابها بالنقدين. كما لا يبعد أن يخرج جنس زكوي، عن جنس آخر كذلك، كإخراج الغنم عن نصاب الإبل من بلوغه خمسا، حتى يصل عشرين. وكدفع صاحب الإبل سنا أكبر مما هو مطالب به لجابي الزكاة، ويرد إليه شاتين أو عشرين درهما، وبالعكس.
النتيجة الثلاثون: أن نظر بعض الفقهاء المعاصرين بدأ يتجه إلى تحديد نصاب للأثمان مقدرا بقيمة نصاب من الإبل أو الغنم، أو نحو ذلك مما يرتبط بالواقع المعاش للأغنياء والفقراء، فيراعي فيه حق الفريقين على السواء، وذلك بعد ملاحظة تأثر النقدين برياح التغيرات الاقتصادية هبوطا ونزولا، الأمر الذي قد يجحف فيه – ربط نصاب الأثمان بالنقدين – بالفقير تارة، وبالغني أخرى.
أسأل الله تعالى ربي رحمته ومغفرته وعفوه في الآخرة والأولى. سبحانك الله وبحمدك، أشهد إن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.