٢٢ - وفي مصرف (وفي سبيل الله): بسطنا مذاهب العلماء وأقوالهم ونسبة كل قول لصاحبه من أن سبيل الله يشمل الغزو والجهاد في سبيل الله والحجاج والعمار وطلبة العلم وسائر وجوه الخير والبر وأثبتنا أن المراد به في الآية الغزو وهو قول الجمهور ورأينا أن من واجب الدولة المسلمة أن تنظر فيما تحتاجه من آلات الحرب بحيث لا يصرف كله في الجهاد ويبقى الفقراء والمساكين معوزين. ونرى أن هذا السهم يشمل المجاهدين في الدرجة الأولى ونرى كذلك أنه من أهم ما يجب أن يصرف فيه المسلمون في الوقت الحاضر زكاتهم ما يؤدي إلى إقامة دعوة الله والدعوة إليه وإقامة الجهاد في سبيله وذلك لإعادة حكم الله في الأرض وشمول تحكيم كتابه. كما أننا لا نرى التوسع في صرف الزكاة وتمليكها لسائر وجوه الخير والبر إلا بشروط.
٢٣ – وقد توصلنا أيضا في هذا البحث إلى أن الزكاة تعطى للمجاهدين في سبيل الله مع كونهم أغنياء، وأنهم يعطون عطاء ما ينفقون به على نفقاتهم كتعليم الجنود وإنشاء مصانع الأسلحة وإقامة المعسكرات كل ذلك من أوجه الإنفاق في هذا المصرف.
٢٤ – أما فيما يتعلق بالمصرف الثامن والأخير وهو مصرف ابن السبيل فقد ذكرت أن ابن السبيل هو الذي انقطعت به الأسباب في سفره عن بلده ومستقره وماله أو هو المسافر المنقطع عن ماله لبعده عنه. وأن الذي ينطبق عليه ابن السبيل هو المنقطع عن ماله سواء كان خارج وطنه أو بوطنه أو مارا به. ويشترط لإعطائه أن يكون محتاجا في المكان الذي هو فيه وأن يكون سفره في غير معصية، وأن لا يجد من يقرضه في الموضع الذي هو فيه وأن يكون مجتازا ويعطى من الزكاة حسب حاجته ويعطى ولو كان غنيا أو مكتسبا.
ثالثا: أما الباب الثالث فقد تناولت فيه دراسة وبحث تمليك الزكاة:
٢٥ – وقد عرفت فيه الملك والتمليك وبينت أنواع الملك وذكرت أن الفقير حينما يتملك الزكاة إنما يتملك باختياره لا يجبره على احتواء هذا المال وملكه بخلاف الإرث فإنه يتملكه بغير اختياره. وكان اختيارنا لتعريف الملك بأنه: اختصاص إنسان بشيء يخوله شرعا الانتفاع والتصرف فيه وحده ابتداء إلا لمانع. وبينا أن الملك حكم شرعي ويكون من خطاب الوضع من وجه ومن خطاب التكليف من وجه آخر وتكلمنا عن حكم تمليك الزكاة ومحل التمليك وأنه من الوسائل المشروعة للتملك وشروطه وأن من أسبابه ملك الصدقة وأثبتنا أن الصدقة لا تملك إلا بالقبض وأنه يصح تمليك الزكاة لجهة المملك فيه.
٢٦ – ثم سجل البحث موضوع الإباحة لمقارنتها بموضوع التمليك وذلك نسبة لما يعطى للفقير هل هو على سبيل الإباحة أو التمليك؟ وقد قرر البحث معناها وأقسامها وبين البحث أن الإباحة في ذاتها لا تفيد تمليكا وإنما هي طريق إلى التمليك وقد أفضت الكلام في هل الإباحة تمليك؟ وذكرت أقوال العلماء في بعض الصور هل هي من قبيل الإباحة أم التمليك؟ فذكرت الضيافة والإطعام في الكفارة، ثم انتقل البحث ليسجل لنا الفرق بين الإباحة والتمليك وأوجه الاتفاق بينهما، وحكمة اشتراط التمليك في الزكاة. ثم اتجه البحث ليبين لنا هل تمليك الزكاة شرط في أدائها؟ وقد تناولت المصارف الثمانية، فتناولت أولا الفقراء والمساكين وبينت اشتراط تمليكهم، كما بينت أن الإباحة لا تغني عن التمليك في إخراج الزكاة الواجبة للفقير وإنما يأخذون الزكاة تمليكا فلا يجزئ الغداء والعشاء لأنه لا تمليك فيه. ثم تناولت حكم تمليك الزكاة للفقير الصغير الذي لم يأكل طعاما وتبين لي رجحان جواز دفع الزكاة له سواء أكل طعاما أو لم يأكل، كما توصلت إلى أن التمليك يتحقق بقبض الصدقة من الولي أو غيره. وأن التمليك لا يتناول الصدقة النافلة.