١٨ - يُعدُّ موضوع فقه الخلاف ومنهج التعامل مع المخالف من الموضوعات التي لم تحظَ بعناية كبيرة من قِبَل العلماء من حيث الدراسة والتقعيد والتنظير، وهو جدير بالدراسة والتأصيل، وفي أثناء دراستي لبعض نقاشات الصحابة وتعقُّب بعضهم البعض رأيت دقة فهمهم، وسلامة صدورهم، واحترامهم للرأي الآخر .. فهذه عائشة رضي الله عنها حينما ذُكر عندها أن ابن عمر رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (إن الميت يعذَّب في قبره ببكاء أهله) قالت: وَهَلَ؛ إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليُعذب بخطيئته وذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن)، قالت: وذاك مثل قوله: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على القليب - وفيه قتلى بدر من المشركين - فقال لهم ما قال: (إنهم ليسمعون ما أقول)، إنما قال: (إنهم الآن ليعلمون أن ما كنت أقول لهم حق)، ثم قرأتْ: {إنك لا تسمع الموتى} [النمل: ٨٠] و: {وما أنت بمسمع من في القبور} [فاطر: ٢٢].
فهذه عائشة قد أنكرت على ابن عمر قوله على علم ومسمع من الصحابة، ومع علمهم وسماعهم لحديث ابن عمر، ولم نجد أحداً منهم شنَّع على عائشة أو رماها بسوء، مما يؤكد تحلِّي الصحابة رضوان الله عليهم بالأدب الجم في التعامل مع المخالف، وسلامة صدورهم، واحترام بعضهم البعض، وإن مما بُليت به الأمة في هذه الأزمنة ضيق العَطَن وعدم قبول رأي الآخر، والتشنيع على المخالف وإن كان له مستند من دليل شرعي؛ مما أوغر الصدور، وزاد في الفرقة .. والله المستعان.
١٩ - من خلال الدراسة، لم أقف بحمد الله على نصين متعارضين استحال الجمع بينهما، أو نص مُشكِل استحال حل إشكاله، وهذا مما يؤكد قطعية النصوص الشرعية، وأنها حق من عند الله تعالى، لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وإن رام الأعداء هدم هذا الدين، والنيل منه، إلا أن الله متم نوره ولو كره الكافرون.
٢٠ - أن معرفة مقاصد الشريعة يُعدُّ من الأهمية بمكان؛ بل هو الفقه الحقيقي، وأما النظر المجرد في النصوص الشرعية دون إلمام بمقاصدها ففيه قصور يوقع الفقيه في حيرة وتناقضات، وربما قاده فهمه الخاطئ إلى انحراف في السلوك أو الاعتقاد.
٢١ - من خلال الدراسة، تبيّنت أهمية معرفة الأدوات والأساليب اللغوية التي كان العرب يتخاطبون بها، وقد نزل القرآن بلغتهم، وخاطبهم بالأساليب التي تعارفوا عليها، فيجب على الناظر في تفسير آيات القرآن الكريم أن يكون ملمّاً بهذه الأساليب حتى لا يعتقد معنى غير مراد في النص؛ فينشأ عنده إشكال بسبب فهمه لا بسبب النص.
٢٢ - دخول الإسرائيليات في علم التفسير أثَّر سلباً على هذا العلم، فكان من نتائجه وقوع الغلط من بعض الرواة والمفسرين، حيث أدخلوا بعض الروايات الإسرائيلية في التفسير ظناً منهم أنها من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وقد يكون في بعض هذه الروايات من الغرابة والإشكال ما يستحيل معه أن يكون من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا مما يؤكد أهمية دراسة المَرويِّ عن النبي صلى الله عليه وسلم في التفسير دراسة علمية تختص بنقد المتون أكثر منها في نقد الأسانيد؛ إذ الثاني قد أخذ حظه من الدراسة والتحقيق بخلاف الأول.
٢٣ - يُعدُّ جمع روايات الحديث وألفاظه من أهم العوامل المساعدة في الكشف عن علل الحديث، وفي أثناء دراستي لعلل بعض أحاديث التفسير المشكلة تبين لي أن هذا اللون من التحقيق لم يلقَ عناية كبيرة من العلماء رحمهم الله تعالى، وقد تميَّز هذا البحث بالاستطراد في شرح علل الحديث وبيان مخارجه، ومن ثم معرفة الخلل ومنشأ الإشكال، والذي غالباً ما يكون بسبب وَهَم من أحد الرواة.
٢٤ - بلغ مجموع الأحاديث المشكلة الواردة في تفسير القرآن الكريم – التي تمت دراستها – ستة وسبعين حديثاً، وهذه الأحاديث وقفتُ عليها - بعد طول استقراء - في كتب التفسير والحديث وغيرها، وقد اقتصرتُ على دراسة ما روي في الكتب التسعة فقط.
٢٥ - بلغ مجموع أحاديث التفسير المشكلة الواردة في الصحيحين – التي تمت دراستها – سبعة وأربعين حديثاً.
٢٦ - وبلغ مجموع أحاديث التفسير التي كان منشأ الإشكال فيها وَهَم من بعض الرواة أحد عشر حديثاً؛ عشرة منها جاءت في الصحيحين.
٢٧ - وبلغ مجموع الأحاديث المشكلة – التي ثبت بعد الدراسة والتحقيق أنها ضعيفة – خمسة عشر حديثاً.