ج- ويمكن من خلال فحص السلعة في بلد المصدر قبل شحنها للتأكد من سلامتها، ومطابقتها شروط العميل (المستورد) ويتم ذلك عن طريق شركات متخصصة، عملها فحص البضائع، لكن مثل هذه الشركات ستحتسب على العميل أجرا لقاء عملها هذا، فإذا أضيف ذلك إلى أجر الشحن، ومبلغ التأمين، وغيره من التكاليف التي يتحملها التاجر، كأجر العمال، وكراء المحل، ونحو ذلك، وكل ذلك يحمله التاجر والمستهلك في النهاية، من خلال احتسابه ضمن ثمن البضاعة، تبين أننا لسنا بحاجة إلى إضافة مزيد تكلفة للتاجر المستهلك
وعلى أي حال فالوسائل التي يمكن من خلالها الوصول إلى توثيق حق المصدر، والمستورد يمكن تحقيقها بطرق مختلفة، لكن تبقى مسألة المفاضلة بينها تبعا لاعتبارات متعددة، ومتى كان لدى الناس همة لإيجاد بديل صحيح، فلن يعدموا إليه سبيلا.
٨ - إن بطاقة الائتمان لهي خير وسيلة لإعانة البنوك على الربا إذ غايتها الاستحواذ على النقود، بحيث لا تغادر خزائنها، وهذا مبدأ مادي، لا يستقيم على المنهج الإسلامي، ذلك أن البنوك التجارية تقوم على خلق الائتمان، ووسيلتها في ذلك استقطاب الودائع من الناس ما أمكنها إلى ذلك سبيلا، مهما زاد حجمها وعدها، ومن ثم تغرق السوق بها من خلال القراض بالربا، وذلك بخلاف ما تقوم عليه البنوك الإسلامية من منهج.
وعلى هذا فإن البديل الإسلامي لبطاقة الائتمان هو أن تكون بطاقة وفاء لا تتضمن قرضا، كما لا ينبغي للبنك الإسلامي أن يتوسع في إصدارها، ويتخذ منها طريقا للكسب، من خلال ما يأخذه من عمولة على التاجر، وعمولة على العميل، ونحو ذلك، فذلك طريق غير مأمون، ولما يترتب على التعامل بها من آثار لا تتفق وما عليه البنك الإسلامي.
٩ - إن العالم الإسلامي اليوم بات يحتذي المناهج الوضعية غالبا فيما سبيله المال وجمعه، ويستخدم وسائلها، ومن ذلك شركة المساهمة، فإن الملاحظ على سوق الأسهم التذبذب، والاضطراب، وتأثره بالدعاية حيث يمكن أن ترتفع أسهم شركة دون مسوغ من زيادة في الإنتاج، أو الممتلكات، وتهبط أخرى دون مسوغ كذلك. ومرد هذا وذاك الدعاية الكاذبة، وتحكم الرأسماليين المسيطرين على سوق الأسهم. وهي على هذا النحو تكون أداة للاستغلال ينتهزها الاستغلاليون كما كان الشأن في بداية عهدها، وفي هذا يقول ثروت أنيس: (تطورت شركة المساهمة بعد عصرها الاستعماري إلى أن غدت أداة بيد حفنة من الرأسماليين، لاستغلال جماهير صغار المدخرين، الذين يشترون الأسهم. وقد مكن من ذلك بعد المساهمين عن مقر الشركة، وعدم حضورهم الجمعيات العمومية، لانشغالهم بأعمال حياتهم اليومية، ولما كانت قرارات الجمعية العمومية العادية تصدر بأغلبية الحاضرين، وصغار المدخرين لا يحضرون، فمعنى ذلك أن قرارات الجمعية العمومية تصدر دون أن يشترك فيها جمهور المدخرين، ويكفي أن يوجد مساهم كبير يمتلك مثلا خمس أو ربع أموال الشركة، حتى يسيطر تماما عليها، ويصبح هو أغلبية الحاضرين في الجمعية العمومية، أي الأغلبية التي تعين مجلس الإدارة، وتعين هيئة المراقبة، وتصدق على أعمال مجلس الإدارة وبالاختصار تهيمن على الشركة.
غير أن الخطر أبلغ من مجرد السيطرة على شركة واحدة: إن الرأسمالي يمكنه إن يبدأ مشروعاته الاستغلالية بمليون جنيه مثلا ن فينشأ شركة مساهمة راس مالها أربعة ملايين جنيه، ويكتفي بالاكتئاب في ربع أسهمها، حتى يضمن أغلبية الحاضرين في الجمعية العمومية.