ثم عن طريق هيمنته على هذه الشركة يوظف أموالها في شراء اسهم شركات أخرى، فينشأ أربع شركات جديدة رأسمال كل منها أربعة ملايين جنيه، ويكتتب بأموال الشركة الأولى في ٢٥% من أسهم كل شركة من الشركات الأربع الجديدة، فيسيطر عليها كلها، ويصبح بالتالي مهيمنا على ١٦ مليون جنيه بالرغم من أن رأس ماله هو مليون واحد.
فإذا لعب نفس اللعبة مرة أخرى بأموال الشركات الأربع الجديدة وساهم في إنشاء ١٦ شركة رأسمال كل منها ملايين جنيه، واشترك هو بالربع في كل شركة من هذه الشركات، فإنه يتمكن من السيطرة على ٦٤ مليون جنيه.
وإذا أعاد الكرة سيطر على ٢٥٦مليون جنيه، ثم على ١٠٢٤ مليون جنيه.
وهكذا يظل الرأسمالي عن طريق شركة المساهمة يمد أذرعه كالأخطبوط ليمتص دماء الناس، كل جنيه واحد يدفعه يتحكم به في ألف جنيه من أموال الشعب).
ويقول أيضا: (كما استخدم المقامرون شركات المساهمة في عملية المضاربة بالأسهم، وتحصيل المبالغ الطائله من فروق الأسعار.
ويضرب المثل في هذا الصدد بالمليونير (جاي جولد) عاث فسادا في بورصة نيويورك حتى تعرض أكثر من مرة بالرغم من حراسة المسلحين للاعتداء عليه بالضرب من الحانقين على طرقه غير المشروعة.
كان مبدؤه اللعب بمال الغير عن طريق الربح من خلال الهدم.
١٠ - إشترى صحيفة (ورلد) (العالم) في مدينة نيويورك، وسخرها لحسابه كان إذا طمع في أموال شركة معينة، يسلط عليها حملة صحفية بقصد الإساءة إلى سمعتها، فيتهمها بضعف المركز المالي، بأنها على وشك الإفلاس والانهيار، أو النيابة سوف تشرع في تصفيتها، أو أن الحكومة ستسحب ترخيصها. حتى إذا ساد الذعر بين حملة الأسهم وتسابقوا إلى التخلص منها بأي ثمن، اشترى هو بأتفه الأسعار قدرا من الأسهم يكفي لسيطرته على الشركة. ثم يقوم بعد فترة بحملة صحفية ثانية لتزكية سمعة الشركة ومركزها المالي، ويوزع أرباحا صورية يقتطعها من رأس المال.
حتى إذا ما استعاد الجمهور ثقته وأقبل على شراء الأسهم من جديد بادر جولد ببيع أسهمه، بعد أن يكون قد حلب أموال الشركة، وترك خزائنها خاوية.
فعل ذلك في شركة (يونيون باسيفيك) ١٨٧٩م فخربت الشركة، وربح هو عشرة ملايين دولار.
كما ربح عشرة ملايين أخرى عن طريق إجبار مجلس الإدارة على شراء اسهم شركتي (دنفر) و (باسيفيك) اللتين اشتراهما من قبل بلا شيء.
إن (جاي جولد) أحد أولئك (البارونات اللصوص) الذين سيطروا على اقتصاديات أمريكا في أواخر القرن الماضي، ممتطين صهوة تلك المهرة الطيعة - شركة المساهمة -).
ولست بحاجة إلى بيان علاقة الشركات المساهمة بالاستعمار فالحديث فيه يطول.
١٠ - إن المسلم ينبغي له أن يحرص على استطابة مطعمه، فإن المال الحرام تبعته عظيمة، فبسببه ينبت الجسد على سحت، ويمتنع قبول الدعاء. وإن التخلص منه في الآخرة ليس بالأمر اليسير، لما جبلت عليه النفوس من حب المال والميل إليه.
١١ - إن الهوى والشهوة ليسا مسوغا للاختيار بين الأقوال فيما اختلف فيه، ومتى اشتهر ذلك بين الناس، أمكن حملهم على ما يصلحهم، تبعا للسياسة الشرعية.
١٢ - إن التميز، والتحرر من التقليد، والتبعية، أمر مطلوب للبنوك الإسلامية، لتصل إلى هدفها، وذلك معلوم من مقاصد الشارع الحكيم، فإن الشارع الحكيم قد قصد إلى تمييز الخبيث من الطيب، فنهى عن مشاكلة الكفار في هديهم في شعائر العبادة: كالصلاة والحج، وهيئتهم: كاللباس ونحوه، وعادتهم: كالسلام ونحوه، وغير ذلك، وشرع لهم ما يتميزون به مما ليس مجال تفصيله هاهنا.
١٣ - إن الإلمام بمقاصد الشارع الحكيم، وأصول الفقه، وقواعده والاستهداء بها، وابتناء الأحكام عليها، لهو أمر لا تستقيم الدراسات الشرعية دونه، خاصة فيما سبيله الفقه منه.