للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مبدأ شرعي من مبادئ هذا الدين الحنيف وخلق كريم ولقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة في حجته التي تسمى حجة الوداع وقال: " أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى. أبلغت .... " الحديث ومن هذا المنطلق يتبين أن التواضع من الرئيس لمرؤسيه ومن الكبير للصغير بل التواضع من كل أحد مما دعا إليه الإسلام وقد فعل ذلك صلى الله عليه وسلم وطبق بنفسه هذا المبدأ العظيم.

حيث باشر بنفسه في هذه الغزوة حفر الخندق ونقل التراب وقد روى البراء بن عازب – رضي الله عنه – أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك حتى اغبر بطنه.

وما ذلك إلا لمعرفته بالله وتواضعه لمن شرح صدره ووضع وزره ورفع ذكره حيث لا يذكر الله إلا ويذكر صلى الله عليه وسلم. وتواضعه يتجلى دائما بين أصحابه سواء في الحرب أو في السلم وسنته مليئة بمثل ذلك.

٤ - المبارزة:

وهي ملاقاة الند من المشركين أمام الصفوف واحدا لواحد.

وقد حصل في هذه الغزوة المباركة لقاء هام بين علي رضي الله عنه وبين أعتى أعداء الله عمرو بن عبد ود حتى إن المؤرخين أثبتوا جميعا بأنه فارس قريش وأحد شجعانها المبرزين.

ومبارزة علي لعمرو رواها الحاكم في مستدركه وهي ثابتة عنده. وقد تقدم الكلام عليها في مبحث خاص وهي جائزة وبالجواز قال الجمهور وخالف في ذلك الحسن البصري.

٥ - بيع جيفة الكافر جوازها وعدمه:

وقد جاء في كتب الحديث ما يمنع ذلك فقد عنون البخاري بقوله:

باب (طرح جيف المشركين في البئر ولا يؤخذ لهم ثمن) وفي ذلك دليل على أنه لا يجوز بيع جيفة المشرك قال المباركفوري: وإنما لا يجوز بيعها وأخذ الثمن فيها لأنها ميتة لا يجوز تملكها ولا أخذ عوض عنها وقد حرم الشارع ثمنها وثمن الأصنام.

قال الحافظ: قوله لا يؤخذ لهم ثمن أشار به إلى حديث ابن عباس أن المشركين أرادوا أن يشتروا جسد رجل من المشركين فأبى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيعهم.

٦ - لا يعدل عن الوضوء إلى التيمم مع وجود الماء

أي أن الوضوء قد أوجبه الله سبحانه وتعالى فقال: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) الآية

قال الحافظ والوضوء بالضم الفعل والفتح الماء الذي يتوضأ به على المشهود فيهما. والوضوء واجب إلا في حالات نادرة.

والرسول صلى الله عليه وسلم لم يترك الوضوء حتى في أثناء الحروب ذلك لأنه لما كان في هذه الغزوة وفاتته صلاة العصر كما مر في الأحاديث الصحيحة وفي بعضها أنه فاتته الظهر والعصر والمغرب والعشاء.

عمد صلى الله عليه وسلم عندئذ إلى بطحان ليتوضأ وترك التيمم مع أنه في وقت حرب وأوضاع حرجة ولأنه هو المشرع صلى الله عليه وسلم ولوجود الماء قريبا منه لم يترك الوضوء لما فيه من الأجر العظيم لذلك روى البخاري حيث قال في حديث تقدم وشاهدنا منه هو:

قال عمر بن الخطاب يا رسول الله ما كدت أن أصلي حتى كادت الشمس أن تغرب قال النبي صلى الله عليه وسلم والله ما صليتها فنزلنا مع النبي صلى الله عليه وسلم بطحان فتوضأنا لها. الحديث.

قال الحافظ:

والوضوء فرض على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة كما فرضت الصلاة وأنه لم يصل قط إلا بوضوء وهذا يوضح أنه من شروط الصلاة لذلك ذكر الحاكم حديث ابن عباس دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاهدوا ليقتلوك فقال " ائتوني بوضوء " فتوضأ الحديث. قلت وهذا يصلح ردا على من أنكر وجود الوضوء قبل الهجرة لا على من أنكر وجوبه حينئذ قال وقد جزم ابن الجهم المالكي بأنه كان قبل الهجرة مندوبا.

<<  <  ج: ص:  >  >>