للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٧ - الخديعة في الحرب:

قال الحافظ: وأصل الخداع إظهار أمر وإضمار خلافه. وقد أورد البخاري رحمه الله في ذلك حديثين أحدهما عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم (سمى الحرب خدعة)

والثاني عن جابر بن عبد الله قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم " الحرب خدعة "

وقد أورد مسلم أحدهما عن أبي هريرة.

ثم قال النووي:

واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب كيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل.

قال الطبري ك إنما يجوز من الكذب في الحرب المعاريض دون حقيقة الكذب فإنه لا يحل.

قال الحافظ: ذكر الواقدي أن أول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم (الحرب خدعة) في غزوة الخندق.

وقد فعل ذلك نعيم بن مسعود رضي الله عنه في الخندق حيث أنه كان قد أسلم ولم يعلم به قومه فذهب إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بإسلامه وأن قومه لا يعلمون بذلك.

وأراد مساعدة المسلمين فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنما أنت فينا رجل واحد فخذل عنا ما استطعت فذهب إلى بني قريظة فقريش فغطفان وخذلهم الله وفرق جمعهم وشتت شملهم وكان نعيم سببا هاما في ذلك.

ولذلك قال الحافظ:

وفي الحديث إشارة إلى استعمال الرأي في الحرب بل الاحتياج إليه آكد من الشجاعة.

٨ - مشروعية إرسال العيون لأخذ أخبار الأعداء:

قال البخاري: باب الجاسوس

قال الحافظ

الجاسوس بجيم ومهملتين أي حكمه إذا كان من جهة الكفار ومشروعيته إذا كان من جهة المسلمين. ومن هذا المنطلق فقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ليلة الأحزاب ليأتيه بأخبار تلك الجموع التي حاولت جاهدة في حرب المسلمين وإيذائهم.

وقد قام حذيفة رضي الله عنه بالمهمة خير قيام حيث ذهب إليهم وجلس بينهم وسمع ما يدور في معسكرهم وقد كان على مسافة قريبة من القائد أبي سفيان وأراد أن يرميه فتذكر تحذير النبي صلى الله عليه وسلم له من ذلك " ولا تذعرهم علي. فعاد رضي الله عنه يحمل أخبارا سارة وبشرى هامة هي رحيلهم وانكشافهم عن المدينة التي ضاقت بهم ذرعا (وكفى الله المؤمنين القتال) الآية

ومن هنا يؤخذ:

جواز استعمال العيون وإرسالها للتعرف على حالة الأعداء ومدى استعدادهم وكيفية تحركاتهم حتى يكون المسلمون على علم بأعدائهم فيعد المسلمون لكل أمر عدته ولا ينبغي للمسلمين أن يغفلوا عن تحركات أعدائهم وما يكيدونه للإسلام وأهله.

٩ - استعراض الإمام للجيش قبل وقوع القتال كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة سنة فلم يجزه وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة سنة فأجازه) الحديث. وقد وقع هذا من النبي صلى الله عليه وسلم في بدر وغيرها وخروج صغيري السن لم يحدث إلا عند أولئك الذين يستشعرون قيمة الشهادة وتهون أنفسهم في سبيل الله طمعا عنده من مغفرة ورضوان.

أما في هذه العصور المتأخرة طغى فيها حب الحياة وحب متاعها الفاني فلربما لا يخرج كبار السن إلا بالقوة ويدفعون إلى الخير دفعا.

قال الحافظ: وعند المالكية والحنفية لا تتوقف الإجازة للقتال على البلوغ بل للإمام أن يجيز من الصبيان من فيه قوة ونجدة قرب مراهق أقوى من بالغ.

ثم قال: وحديث ابن عمر حجة عليهم ولا سيما الزيادة التي جاءت عن ابن جريج ولفظها: (عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فلم يجزني ولم يرني بلغت) وفي الحديث من العبر: حسن أخلاقه صلى الله عليه وسلم ومعرفته التامة بأحوال أصحابه واحترامه لهم ولأبنائهم رغم عظم الرسالة والأعباء التي حملها ولا غرو فقد قال صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا "

١٠ – تعاون الجميع إذا هوجمت البلاد:

<<  <  ج: ص:  >  >>