وفي ذلك حديث سهل بن سعد الساعدي وحديث أنس رضي الله عنهما وكلاهما في الحفر وما دار فيه ففيهما من العبر والدروس الشي الكثير منها:
١ - أنهم باعوا أنفسهم لله وحرصوا على كل خير يقربهم إليه وكان الرسول صلوات الله وسلامه عليه هو القدوة في ذلك.
٢ - مباشرة الرسول صلى الله عليه وسلم الحفر بنفسه تحريضا للمسلمين على العمل ليتأسوا به في ذلك وحتى يبتعدوا عن الاتكالية وما يعقبها من تبعات.
٣ - فيهما إشارة إلى تحقير عيش الدنيا مهما بلغ لما يعرض له من التكدير وسرعة الفناء (والآخرة خير وأبقى) (وللآخرة خير لك من الأولى)
٤ - ترديده صلى الله عليه وسلم بعض الكلمات إجابة لأصحابه لما كانوا يقولونه أثناء الحفر وذلك مما ينشط حيث إن الإنسان إذا اشتغل في عمل جسماني شاق فالسكوت يشق عليه ويتعب بسرعة أكثر مما لو كان يتكلم حيث ينسيه الكلام التعب وهذا مجرب.
٥ - ملاطفته لأصحابه رضي الله عنهم وهو الموصوف بقول ربه تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم) حيث كان أصحابه يرتجزون أثناء الحفر برجل من المسلمين يقال له جعيل فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم عمرا فكانوا يقولون:
سماه من بعد جعيل عمرا وكان للبائس يوما ظهرا
فإذا مروا بعمرو قال صلى الله عليه وسلم: عمرا وإذا مروا بظهر قال صلى الله عليه وسلم ظهرا
١١ - من المعجزات التي حصلت في هذه الغزوة:
الكدية والطعام المبارك فيؤخذ منه:
١ - طاعتهم رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومحافظتهم على ذلك بدليل أنهم لما صادفوا تلك البقعة لم يتصرفوا حسب أرائهم بل رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك ونتيجة لتلك الطاعة أعانهم الله عز وجل على تلك العقبات فأنجزوا ذلك العمل في وقت وجيز.
٢ - حبهم الشديد لله ولرسوله وشفقتهم على بعضهم (رحماء بينهم) ذلك أنه حينما رأى جابر ما يعانيه المصطفى صلى الله عليه وسلم من الجوع استأذن وعاد أدراجه إلى بيته ليجهز ما يستطيع عليه من طعام يدعو إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وثلة من أصحابه وفعلا وجد عناقا وصاعا من شعير فذبح العناق وطحنت زوجته صاع الشعير وجهزوه ودعا جابر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء به ومن معه ضيفا على تلك المأدبة المتواضعة.
٣ - تكثير الطعام الذي خجل جابر من قلته فأكل الجميع وشبعوا وذلك بفضل الله على نبيه وإظهاره على يديه تلك المعجزات الباهرة.
٤ - تواضعه عليه الصلاة والسلام لربه ولأصحابه حيث كان يغرف بنفسه اللحم ويكسر لهم الخبز حتى صدروا عنه
٥ - الإهداء للجيران من الطعام سنة وخاصة في أوقات المجاعة وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك كما في حديث أبي ذر حيث قال: إن خليلي أوصاني " إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ثم انظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم منها بمعروف ".
١٢ - أهمية الصلاة:
وفيه حديث عمر رضي الله عنه: (يا رسول الله ما كدت أن أصلي) .. الخ. وفيه من الفوائد:
١ - جواز اليمين من غير استحلاف إذا اقتضت مصلحة من زيادة طمأنينة أو نفي توهم.
٢ - استحباب قضاء الفوائت في جماعة وبه قال أكثر أهل العلم إلا الليث مع أنه أجاز صلاة الجمعة جماعة إذا فاتت.
٣ - استدل به على عدم مشروعية الأذان للفائتة.
١٣ - كثرة جند الله:
وفيه حديث ابن عباس رضي الله عنهما (نصرت بالصبا) وفيه:
١ - تفضيل بعض المخلوقات على بعض.
٢ - إخبار المرء عن نفسه بما فضله الله به على سبيل التحدث بالنعمة وبيان المنزلة لا على الفخر.
٣ - الإخبار عن الأمم الماضية وكيفية هلاكها.