١٤ـ إنّ الخبرات والتّجارب والمران من أعظم ما يُعين الدّاعية على التزام الحكمة واكتسابها، فهو بتجاربه بالسّفر ومعاشرة الجماهير سيكون له الأثر الكبير في نجاح دعوته، وابتعاده عن الوقوع في الخطأ في منهجه ودعوته إلى الله، لأنه إذا وقع في خطأ مرة لا يقع فيه أخرى، فيستفيد من تجاربه وخبراته.
١٥ـ إن تحرّي أوقات الفراغ والنّشاط والحاجة عند المدعوين وتخولهم بالموعظة والتّعليم من أعظم ما يُعين الدّاعية على استجلاب الناس وجذب قلوبهم إلى دعوته.
١٦ـ إن المصالح إذا تعارضت أو تعارضت مصلحة ومفسدة وتعذّر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بُدئ بالأهمّ، فيدفعَ أحد المفسدتين أو الضررين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما.
١٧ـ إنّ لتأليف القلوب بالمال والعفو والصّفح والرّفق واللّين والإحسان بالقول أو الفعل أعظم الأثر في نفوس المدعوين.
١٨ـ إنّ من أعظم الأساليب البالغة في منتهى الحكمة عدم مواجهة الدّاعية أحداً بعينه عندما يُريد أن يؤدّبه أو يُعاتبه أو يزجره ما دام يجد في الموعظة العامة كفاية، وذلك إذا كان المدعو المقصود بين جمهور المخاطبين أو يبلغه ذلك، كأن يقول الدّاعية: ما بال أقوام، أو ما بال أناس، أو ما بال رجال يفعلون كذا، أو يتركون كذا.
١٩ـ إنّ الدّاعية لا يكون حكيماً في دعوته إلا بفقهه لركائز الدعوة، وذلك: بمعرفة ما يدعو إليه، وما هي الصفات والأخلاق والآداب التي ينبغي أن يلتزم بها الداعية، ومعرفة المدعوين وأصنافهم، والوسائل والأساليب التي تستخدم في نشر الدعوة وتبليغها.
٢٠ـ إنّ الدّعوة بالمواقف الحكيمة المشرّفة، لها الأثر البالغ في قلوب المدعوين، لأنها تدفعهم إلى التّفكر والتأمل، ثم تكون نقطة التحوّل في نظام حياتهم بإذن الله تعالى.
٢١ـ إن اطلاع الداعية على مواقف النبي e الحكيمة في عفوه وصفحه، ورفقه وحلمه وأناته، وشجاعته، وجوده وكرمه، وإصلاحه، من أعظم ما يُفيد الدّاعية في حياته، وخاصّة في دعوته إلى الله ـ تعالىـ.
٢٢ـ إنّ للصحابة وأتباعهم ومن سار على نهجهم مواقف حكيمة في دعوتهم إلى الله ـ تعالىـ، تدلّ على صدقهم ورغبتهم فيما عند الله ـ تعالىـ، وتبيّن مدى جهودهم، وتغذّي وتربيّ من اطلع عليها من الدعاة إلى الله ـ تعالىـ.
٢٣ـ إن من أعظم الحكمة في دعوة الملحِدِين أن تقدّم لهم الأدلّة الفطرية على وجود الله ـ تعالىـ وربوبيته، والبراهين العقليّة القطعيّة بمسالكها التفصيليّة، والأدلّة الحسيّة المشاهدة، ثم يختم ذلك بالأدلة الشّرعيّة.
٢٤ـ إنّ من الحكمة في دعوة الوثنيين بالحكمة القولية أن يُقدِّم لهم الدّاعية الحُجَجَ والبراهين العقليّة على إثبات ألوهية الله ـ تعالى ـ، وأنّ الكمال المطلق له من كل الوجوه، وما عُبِدَ من دونه ضعيف من كل وجه، وأن التّوحيد الخالص دعوة جميع الرّسل عليهم الصلاة والسلام والغلوّ في الصّالحين سبب كفر بني آدم، والشّفاعة لا تنفع إلا بإذن الله للشّافع ورضاه عن الشّافع والمشفوع له، وأن البعث ثابت بالأدلة العقليّة والنقليّة القطعيّة، وأن الله الذي سخّر جميع ما في هذا الكون الفسيح لعباده فهو في الحقيقة المستحقّ للعبادة وحده.
٢٥ـ إنّ دعوة اليهود بالحكمة القولية إلى الله ـ تعالى ـ ترتكز على إثبات نسخ الإسلام لجميع الشّرائع، وإظهار وإثبات وقوع التّحريف في التوراة، واعتراف المنصفين من علمائهم، وإثبات رسالة عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام.