ط ـ أن دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب مذهب وهابي مبتدع في الدين، تقف أفكاره وأصوله عند الشيخ محمد بن عبدالوهاب ولا ترقى إلى علماء السلف السابقين، وأن من أهدافها الدعوة إلى القومية العربية، وإقامة دولة عربية مستقلة عن دولة الأتراك، وأنها ظلت دعوة ودولة في شبه الجزيرة العربية ولم تنتشر في غيرها من بلاد المسلمين بسبب فكرها المحافظ وأساليبها البدوية العنيفة، وأنها دعوة بادية بسطاء لم تنل ما ناله غيرها من أهل البلاد الأخرى من التحضر والتمدن، وأن أصحابها لا يحترمون النبي ?، بل يبغضونه ويمقتون مادحيه والمصلين عليه.
٣ـ أن موقف اتجاه التحديث في الفكر الإسلامي المعاصر من المنهج السلفي يتمثل ـ بوجه عام ـ في ادعائه ما يلي:
أـ أن سنة رسول الله ? تنقسم إلى سنة تشريعية يلزم العمل بها، وسنة غير تشريعية لا يلزم العمل بها، وأنه يدخل في القسم الثاني مسائل باب (المعاملات) في الفقه الإسلامي، لأنه من أمور دنيانا التي نحن أعلم بها، كما يدخل فيه تصرفات الرسول ? في القضاء والإمامة.
ب ـ أن قضايا الاعتقاد مسائل فكرية، وأن الفكر يتغير بتغير الزمان والمكان، فالعقيدة إذن متجددة متغيرة وعلى المسلمين أن يختاروا ما يناسبهم من المناهج بحسب الظروف والملابسات التي يعيشونها.
ج ـ أنه لا بد ـ لتجديد الإسلام وتحقيق النهضة المنشودة في وقتنا الحاضر ـ أن نتجاوز منهج متأخري العلماء في الأخذ بالأسلم والأحوط والأضبط، وألا نتواصى بالمحافظة بل بالانفلات والانطلاق بكل حرية.
د ـ أن الفقهاء المسلمين منغلقون ضيقو الأفق، وأن الحياة العامة وشؤون الاقتصاد والسياسة تدور من حولهم وهم لا يشعرون، وأنهم أغفلوا حق طاعة ولاة الأمر في كتبهم ومصنفاتهم، واحتكروا الدين واتخذوه سراً من الأسرار حجبوه عن الناس، وأصبحوا بذلك وسطاء بين العباد وربهم، وسلطة مركزية تستبد بأمر الاجتهاد.
هـ أن الأحكام تتغير بتغير الزمان، وأنه لا يمكن تطبيق الشريعة على المستجدات والظروف والأحوال المختلفة المتباينة إلا بتأسيس معقولية الأحكام الشرعية، وذلك: باتخاذ تحقيق المصالح أساساً للتشريع، وبجعل دوران الحكم الشرعي مع الحكمة والمصلحة لا مع العلة، وبربط الأحكام الشرعية بأسباب نزولها.
وـ أن "أهلية الاجتهاد" شيء نسبي إضافي، وجملة مرنة ليس لها ضوابط ولا شرائط، وأما تلك الشروط والضوابط التي اعتمدها علماء الإسلام فما هي إلا قيود وضعها مناطقة الإغريق ثم اقتبسها الفقهاء عنهم. وأنه ينبغي فتح باب الاجتهاد الحر لجمهور المسلمين بما فيهم العوام، لأنه ليس في الإسلام كنيسة أو سلطة رسمية تحتكر النظر في المسائل الشرعية والإفتاء فيها.
زـ أن (الإجماع) حق لجميع أفراد الشعب المسلم، وأنهم استعملوه في عصور الإسلام الأولى، ثم باشر هذا الحق نيابة عنهم الفقهاء في عصور الجهل والانحطاط، وأنه لا بد في هذا العصر من إعادة الحق إليهم عن طريق التصويت على الأحكام الشرعية، فما صَوَّت له جمهور المسلمين وسوادهم الأعظم أصبح حكماً لازماً ينزل عليه كل المسلمين.
ح ـ أنه لابد من التدرج في تطبيق الشريعة في المجتمع الإسلامي المعاصر، إذ لا يمكن تطبيقها تطبيقاً كاملاً في هذا المجتمع ـ ولا سيما إقامة الحدود الشرعية ـ إلا بعد تهيئته من جميع النواحي: السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والفكرية. ولذا فإن الشريعة لم تطبق تطبيقاً كاملاً في أي مرحلة من مراحل التاريخ الإسلامي بما فيها المرحلة الأولى منه في عصر النبي ?.