ط ـ أن العقوبات المقررة في الشرع ليست مقصودة بأعيانها بل بغاياتها، وهي الردع عن ارتكاب الجريمة، فكل ما أدى مؤداها يكون بمثابتها، ولذا فإنه لا رجم في الإسلام ولا قطع ولا جلد ولا حد إلا بعد معاودة الجريمة وتكرارها والإصرار عليها.
ي ـ أنه لا رجم في الإسلام، لأن ما شاع وذاع من قول بالرجم يعتمد على طائفة من أحاديث لم ترتفع عن درجة الحسن، ولأن هذه الأحاديث مخالفة مخالفةً صريحة للقرآن فلا يُعتد بها، ولأنه لو كان عقاب المحصنة من الحرائر الرجم حتى الموت كان أحرى أن يُنص عليه تعييناً لهوله.
ك ـ أن الفقه الإسلامي فقه تقليدي مؤسس على علم محدود بطبائع الأشياء وحقائق الكون وقوانين الاجتماع، وأن كتب الفقه تفتقر إلى الأحكام التي ترشد المسلم إلى ما يجب عليه اتباعه في أمور التجارة والفن والسياسة.
ل ـ أن أصول الفقه مطبوع بأثر الظروف التاريخية التي نشأ فيها، وأنه نظرٌ مجرد، كله مبالغة في التشعيب والتعقيد بغير طائل، ومقولات نظرية عقيمة لا تلد فقهاً البتة، بل تُولِّد جدلاً لا يتناهى.
٤ـ اشتراك الاتجاهين العلماني والماركسي ـ في موقفهما من المنهج السلفي ـ في جوانب عديدة، أهمها:
أ) الخلط في مفهوم "السلفية"، بحيث يُدخل هؤلاء تحته كل من انتمى إلى الإسلام، سواء كان انتماؤه صحيحاً أم خاطئاً.
ب) التعامل مع الاتجاه السلفي بطريقة قائمة على مواقف مسبقة، وليست علمية حيادية ـ وإن ادَّعوا ذلك ـ بحيث يتم تناوله بطريقة تحريفية تتعمد تشويه هذا الاتجاه والتنفير منه ووصمة بالتطرف والرجعية، والعقم والعجز عن الوعي بالعصر ... إلخ.
ج) التعامل معه باعتباره مشكلة كبيرة وخطراً داهماً يتهدد المجتمعات المدنية، وأنه يجب التصدي له ـ بكل السبل ـ للقضاء عليه أو للحد من خطره وضرره على الأقل.
٥ـ أن موقف الاتجاه التغريببي العلماني من المنهج السلفي يتمثل ـ بوجه عام ـ في ادعائه ما يلي:
أـ أن أصحاب المنهج السلفي يحصرون (العلم) في الشرع وينكرون ما عداه من العلوم، كما ينكرون السببية، وأنهم يرون اشتمال القرآن على كل علم، وتضاداً وتعارضاً بين العلم الحديث ومتطلبات الإيمان وروحانية الإسلام، كما يرون هذا العلم علماً غير يقيني وعديم النفع غير مستحق للطلب والتحصيل، ولذا فهم يرفضونه ويدينونه.
ب ـ أن المنهج السلفي منهج انتقائي، فأصحابه ينتقون في طريقة عرضهم للتراث الإسلامي ما يُناسب توجهاتهم وأفكارهم، ويحجبون كل ما يتعارض معها، ويقدمون ذلك بوصفه الممثل لهذا التراث.
ج ـ أن أصحاب الاتجاه السلفي إنما يُركزون في منهجهم في الأخذ بالإسلام وتمثله وتطبيقه على منطوق النص لا روحه، وعلى الشكليات والقشور دون الجوهر واللباب، فيركزون على الزي ومنع الاختلاط وتطبيق الحدود وأداء الشعائر، ويُغفلون التفكير في إيجاد حل للمشكلات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها مجتمعاتهم.
د ـ أن الاقتداء بالسلف الصالح والالتزام بمنهجهم: مناف للأصالة واغتراب زماني وقفز فوق الزمن، لانقطاع الخيط الذي يصلنا بزمن السلف الصالح، ولأن منهجهم لم يُطبق إلا في فترة زمنية محدودة هي فترة صدر الإسلام.