للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هـ أن المنهج السلفي من شأنه الثبات ـ المناقض للتطور ـ وأن التمسك به وتطبيقه في حياة المسلمين المعاصرة يؤدي إلى الجمود والتحجر، ذلك أن من مقررات السلف التشبث بمبادئ الإسلام ونصوصه وشريعته، وهذه الشريعة ثابتة، بينما الحياة البشرية متغيرة متطورة، فإذا أُريد تطبيق الشريعة على الحياة، فإما أن تتغير الشريعة تبعاً لتغير مجال تطبيقها فينتقض الحكم بثباتها وتكون متطورة مسايرة للزمن في تحولاته ـ وهذا ما يرفضه السلفيون ـ، وإما أن تجمد الحياة عند صورة واحدة وتُرفض صورها المستجدة التي حدثت بعد اكتمال نزول التشريع.

وـ أن الإسلام دين وعقيدة وليس حكماً وسيفاً، وأن هناك فرقاً كبيراً بين الإسلام الدين والإسلام الدولة، وأن انتقاد الثاني لا يعني الكفر بالأول ولا الخروج عليه، وأنه لا ضرر في فصل الدين عن الدولة في الإسلام، بل فيه تحقيق لصالح الدين وصالح السياسة معاً.

زـ أنه لا يمكن تطبيق الشريعة الإسلامية في البلاد الإسلامية في الوقت الحاضر: لأن تطبيقها يؤدي إلى قيام دولة دينية، وهذه تقود إلى الحكم بالحق الإلهي الذي لا يتم إلا من خلال رجال الدين، ولافتقاد البرامج العملية اللازمة لتحكيمها، ولأن تطبيقها يهدد أمن الوطن ووحدته بإثارة الفتنة الطائفية.

٦ـ أن موقف الاتجاه التغريبي الماركسي من المنهج السلفي يتمثل ـ بوجه عام ـ في ادعائه ما يلي:

أـ أن المنهج السلفي منهج رجعي ماضوي، يقدس الماضي ويحن إليه، ويجعله مقياساً للحاضر، ويقتضي الانطلاق منه وحده، بل البقاء فيه وحده، لعدم قابليته التحرك خطوة واحدة إلى الحاضر، ولذا فالالتزام بهذا المنهج يؤدي إلى العقم والجمود والتأخر والتخلف الحضاري، والعجز عن مواكبة التغيرات وتقديم حلول ناجعة للمشكلات الآنية.

ب ـ أن المنهج السلفي منهج أسطوري لا تاريخي، متعال عن الواقع، عاجز عن إدراكه، مغرق في التجريد والمثالية.

ج ـ أن السلفية تتسم بالجور في نظرتها للتراث العربي الإسلامي وتعاملها معه، فهي تسعى إلى إلغاء حركة التاريخ بفرض نسق تاريخي معين على التاريخ كله، وتقوم بإغفال أو تهميش قسم كبير من هذا التراث مما لا يوافق توجهها.

د ـ أن الخطاب السلفي خطاب غالٍ ينعت (السلف) بأنه (سلف صالح) من دون تمييز بين من كان منهم صالحاً ومن كان طالحاً، ويرفع النبي ? إلى مرتبة الألوهية، والصحابة رضي الله عنهم إلى منزلة الأنبياء، وكلهم كانوا بشراً يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق.

هـ أن الإسلام في تشريعاته الاقتصادية ـ كتحريم الربا والاحتكار وفر ض الزكاة ـ يُقرّ التمايز الطبقي، ولا يحل مشكلة الفقر، كما لا يحقق العدالة للفقراء وينصفهم من قوى الاضطهاد الاجتماعي، بل يحيل ذلك إلى يوم القيامة.

وـ أن دوافع حركة الفتح الإسلامي كانت مادية أكثر منها دينية، وأن التسامح الديني الذي اتبعه الفاتحون كانت له قاعدة مادية، وهي محاولة التقليل من عدد المسيحيين الذي يدخلون في الإسلام، لكي لا تقل موارد ضريبة (الجزية) التي فُرضت على غير المسلمين.

٧ـ وبدراسة الدعاوى السابقة ـ التي تمثل الموقف المعاصر من المنهج السلفي في البلاد العربيةـ، وبمناقشتها وتحليلها، خلصت هذه الدراسة إلى نتائج كثيرة يتمثل أبرزها ـ باقتضاب ـ فيما يلي:

أولاً: أن "السلفية" ليست مذهباً جديداً مبتدعاً في الدين، وليست مرحلة زمنية بل هي اصطلاح جامع يُطلق للدلالة على منهج السلف الصالح في تلقي الإسلام وفهمه والعمل به، وللدلالة على التمسك بهذا المنهج والعض عليه بالنواجذ إيماناً وتصديقاً واتباعاً، وللدلالة أيضاً على الملتزمين به قديماً وحديثاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>