ودون الخوض في مسألة من استفاد الأكثر من الآخر، فإن مما لاشك فيه أن تحركات الوطنيين المغاربة ونضالاتهم في إطار الجامعة الإسلامية لم يكن فقط وبالدرجة الأولى خدمة لمصالح الدولة العثمانية وقضاياها تبعا (لوطنيتهم العثمانية)، وإنما كانت في إطار خدمة قضايا بلدانهم في إطار استراتيجية قوامها المراهنة على معاني الأخوة والتضامن الإسلامي الذي يحتم نجدة المسلمين لبعضهم في تصور – رغم عدم واقعيته – يجعلهم متماسكين، متآلفين ومدعوين إلى المسارعة بنصرة بعضهم بعضا، وهي كلها معاني جاءت الجامعة الإسلامية لتجسيدها، واعتبرت أحداث طرابلس الغرب والبلقان أفضل فرصة لتطبيقها، الأمر الذي أعاد إلى الأذهان حيوية وجدوى مؤسسة الخلافة، ودورها في ترسيخ تلك المعاني، خصوصا وأن ظروف التحديات والخطوب التي تأكدت في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين أوجدت لدى المسلمين قابلية لاستيعاب تلك الأطروحات والتعويل على نجاعتها في خدمة الإسلام والمسلمين، بدعوى ما حققته رابطة الملة والدين – في الماضي – من أمجاد وبطولات بالإمكان – دون تقدير منهم للتحولات في الظروف وموازين القوى – تحقيق مثلها في واقع معاصر لا علاقة له البتة بواقع أسلافهم.