للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا الشمول جعلنا نجد له نظريات وآراء في أغلب ميادين الحياة. فصار ليس غريباً أن تجد كل حركة إصلاحية ما تبغيه من ابن تيمية فتقبس منه قبسة أو قبسات تسترشد بها في مسيرتها.

٨ـ التميز وحسم القضايا والوضوح في الأهداف والمقاصد. وإعلان موقفه من كل المخالفات التي في المجتمع الإسلامي، أو في الدولة سواء في مصر، أو الشام. ومعالجة تلك الأدواء بعد أن تتبع أسباب حدوثها، كل هذا وغيره جعل دعوته تسلم من الغموض والتذبذب، ومن ثم صارت أمام الناس في عصره وبعده إلى يومنا هذا واضحة المعالم مضيئة الأركان والجوانب، من كان له قلب سليم قبِلها، ومن له قلب مشرب بالبدع والأهواء أو النفاق خاصمها ونابذها العداء.

٩ـ المرأة جزء من هذا المجتمع الذي يلزم دعوته والعناية به، بل إصلاحها له أهيمة قصوى في إصلاح المجتمع، فتحصّل في هذه الرسالة قواعد منهجية، ونظريات واقعية، ودراسات نفسية للمرأة، ينتظم من خلالها إرساء خطة عملية قويمة لإصلاح المرأة، وأعظم بداية لهذا الإصلاح أن يكون منذ الصغر في فترة القوة التقليدية غير المستبصرة.

وأكّد على أن إصلاح المرأة لا يتم بمعزل عن إصلاح الرجل، بل إن عمليتي الإصلاح تسيران معاً نظراً لوجود الارتباط العاطفي والقلبي، والاجتماعي بين هاتين الفئتين المكملتين لبعض.

١٠ـ قدم دراسة عظيمة القدر عن الأسباب والمسببات، مما يعطي أهمية كبيرة لمعرفة الداعية للمؤثرات وما ينتج عنها، فيكون لديه البصيرة في وقاية الأمة ومجتمعاتها من الأدواء والفتن، ويجنبها مخاطر الانزلاقات المفسدة، والمهلكة.

١١ـ مما أبرز دعوة ابن تيمية وجعلها قوية التأثير تلك النظرة الواقعية للإنسان والمجتمع والحياة كلها، يضاف إلى هذا سعة الأفق في التعامل مع النصوص الشرعية وربطها بالواقع، والحرص على جلب المصالح ودرء المفاسد، ووضع منهجاً يتم به التعامل مع هذا الإنسان لإصلاحه فجاء هذا المنهج مؤسساً على وعي، ومعرفة واسعة بطبيعة النفس البشرية وما يكتنفها ويؤثر في تصرفاتها من داخلها وخارجها.

١٢ـ ابن تيمية من العلماء القلائل الذين اهتموا بمسألة الفروق الفردية بين الناس، فكان رحمه الله مدركاً لها، وقد أسس تعامله مع الناس على ضوء اعتبار هذه الفروق الفردية وهذا منهج من مناهج السلف رحمهم الله تولاه ابن تيمية بالدراسة، والإيضاح، وأبرزه إلى واقع الدعوة بسلوك عملي.

١٣ـ نظراً لمعرفة ابن تيمية بالطبيعة البشرية، وإدراكه للفروق الفردية، وتوزع القدرات بين الناس، فإنه خرج بنظرية دعا إليها الدعاة والعلماء وعموم الأمة وهي: تقسيط الدعوة بين أفراد الأمة. فكل فرد أو جماعة من الأمة يحمل من واجب الدعوة حملاً على حسب قدراته، وإمكاناته، وما أودعه الله فيه من مواهب، ويصبح ما التزمه مما يحسنه في جانب الدعوة في حقه ألزم وأوجب، ولا بد أن يكون كل من حمل واجباً من الواجبات مقدراً أن هذا ليس هو كل الواجب فيشعر بحاجته إلى إخوانه الآخرين، وبهذا تتكامل الأمة، ومن مجموع هذه الواجبات المقسّطة بين هؤلاء يتكون مجموع متكامل للدعوة.

١٤ـ قرر الاهتمام بالبدائل لأن النفوس إذا منعت من شيء لا تبقى فارغة لأنها خلقت لتعمل لا لتترك، فإذا لم يُقدم لها البديل النافع فإنها قد تشتغل بضده، وقد تعمل بأسوأ مما منعت منه.

١٥ـ قدم نظرية للدعاة عندما يريدون مخاطبة المدعوين، فعليهم أن يراعوا أصول الحسنات وأصول السيئات، فعند الأمر بفعل الحسنات يأمر بالأصول التي فعل واحد منها يترتب عليه فعل كثير من الفروع، وأثناء ذلك يقدمونها بالتدريج فلا يهجموا على قلبه بالتكاليف، والأوامر، والمطالب.

<<  <  ج: ص:  >  >>