للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠ - إبعاد الأتباع عن ساحة المواجهة إلى حينها، فسلاحها الصبر والصبر وحده، وقد ضاق البعض فاستنجد بدعوة القيادة فكان الجواب الصارم حديث خباب وفي ليلة العقبة الكبرى طلب الأنصار الميل على أهل منى بأسيافهم فكان الجواب من القيادة الحكيمة (لم نؤمر بهذا) فلما حان الأوان فعلت الأفاعيل، وكتب التاريخ بالفتوحات الإسلامية في شتى بقاع المعمورة فكم لها من مآثر وبطولات ومحامد، ومكارم في كل ناحية من نواحي الحياة الإنسانية.

١١ - إن الدعوة التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم، أنقذت البشرية من بحر الشقاء إلى ساحل السعادة، ومن عبادة الأحجار والعبيد إلى عبادة الله وحده، ومن حمأة الرذيلة إلى قمة الفضيلة، إنها دعوة خالدة صالحة لكل زمان ومكان. ١٢ - إن الهدف من الدعوة تأسيس القاعدة الصلبة للجماعة التي ستقوم بأعباء تلك الدعوة إلى الناس والتي تتمثل في: الله غايتهم، والرسول قدوتهم، والقرآن دستورهم، والجهاد في سبيل الله أغلى أمانيهم. ثم المحافظة على هذه القاعدة وتكميلها وتمحيصها. وهناك هدف عام هو إخراج الناس من الظلمات إلى النور، وأن يعبد الله وحده لا يشرك به شيء (قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)

١٣ - إن قوة الباطل وطغيان الموجة الجاهلية لا تفيد معها موعظة ترق لها القلوب ثم تترك يجرفها التيار الضخم، ومواجهة الناس بالحق والقيام على أمره من أهم الخصال التي تحيا بها الدعاة إلى الله - سبحانه- وفي مقدمتهم الأنبياء. إذن فلا بد من احتضان الفرد وتربيته وإعداده إعدادا خاصا وملاحقته حتى يصلب عوده، وإلا فهو كالنبتة الصغيرة في مهب الأعاصير، ومرة أخرى أؤكد أنه لا بد أن يعمل الدعاة ضد التيار، ولو قال الصحابة رضوان الله عليهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، الأرض مليئة بالشرك والأخطار ولا نستطيع القيام بشيء لما قامت الدعوة.

١٤ - الداعية إذا لم ينجح في بلده عليه أن يتحول إلى بلد آخر كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن الأفضل له أن يدرس تلك المنطقة التي يريد الخروج إليها، دراسة عامة ليعرف المنافذ التي يمكنه الدخول منها قبل الدخول في نشر الدعوة وأن يكون قدوة يطبق تعاليم الإسلام على نفسه ومن يحيط به ثم يدعو الناس إليها.

١٥ - إن واقع الإسلام المعاصر يعاني من مرارة عودته إلى الغربة، معاناة شديدة مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم، (بدأ الإسلام غريباُ وسيعود غريبا كما بدأ فطوبى للغرباء). فقد لحق المسلمين النقص والإخلال، اللهم إلا أفراداً قلة، هم المصلحون لما أفسد الناس، فهذه العودة لا ترتبط بزمان ولا مكان معين، وإنما تعود كلما انتقل زمام الحكم من أيدي المسلمين إلى غيرهم إذ يحصل الفساد في الأرض نتيجة ذلك. إن واقع المسلمين يقرر بأن غربة النبي عليه الصلاة والسلام، وأسرة ياسر وبلال وغيرهم من خريجي دار الأرقم، قد عادت للذين قالوا ويقولون ربنا الله لا قيصر، والحاكمية لله لا للبشر. إن تعذيب أولئك الغرباء الأوائل وتشريدهم قد عاد على المصلحين في كل زمان ومكان، عاد عليهم بالسجون والمشانق والتشريد والتقتيل بشتى أنواعه، فما هي أداة التحويل التي نحول بها المجتمع إلى المنهج الإسلامي وما هو الخلاص؟

١٦ - إنه لا أداة لذلك إلا بتربية جيل جديد على المنهج الذي تربت وأعدت عليه الجماعة الأولى في العهد المكي، والذي ينبغي أن تكون عليه كل أجيال المسلمين على مدى التاريخ.

والمهم عندنا أمور ثلاثة رئيسية:

الأول: أن نعلم من أين نبدأ، ثم ما هو المطلوب منا بعد نقطة البدء وما هي وسيلتنا لأداء المطلوب منا.

<<  <  ج: ص:  >  >>