للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٨ إن الإسلام لم ينتشر بالسيف كما يقول بعض ذوي الأغراض وإنما انتشر عن طريق الدعوة بالبرهان والإقناع والموعظة الحسنة حتى خالطت بشاشته الإيمان وحلاوته قلوب أولئك السابقين المعذبين في مكة، ثم سرى سريان الماء في العود، وسريان النور في الظلام، حتى تجاوز هؤلاء واخترق البادية حتى وصل طيبة الطيبة، وكان إسلام المسلمون في غاية من الكتمان خوفاً من سلطة الشرك والمشركين، لأن زمان السلطة والقوة ليس في أيدي المسلمين حينها. فهل تجد في التاريخ الإسلامي أن الإسلام سل سيفه على بلال وعمار وخباب وغيرهم؟ فالواقع يقرر أن سيوف الشرك كانت هي القائمة على رؤوس المسلمين، ولكنها هانت أمام قوة الإيمان، بل إن بعضهم كان يستعذب العذاب والموت في سبيل نشر الإسلام. وهل تجد في التاريخ أن الرسول صلى الله عليه وسلم، كان يتصدى للوافدين في مواسم الحج هو وأصحابه بالسيوف أم بالدعوة إلى الله سبحانه وبأسلوبها الجذاب وهل كان يرميهم بالحجارة أو يرمونه؟ وهل تجد في التاريخ أن الأوس والخزرج سلت في وجههم سيوف الإسلام حتى دخلوا فيه مكرهين، أم حدا بهم الإيمان إلى أن بايعوا متزاحمين ومتنافسين، على نصره حتى الفوز بإحدى الحسنيين؟ ومعلوم أن القتال لم يشرع إلا في المدينة على مراحله المعروفة، وقد كان محرما، ثم مأذوناً به ثم مأموراً به لمن بدأ بالقتال، ثم مأموراً به في مواجهة جميع المشركين وذلك لإزاحة العقبات التي تقف في سبيل الدعوة إلى الله سبحانه أما إذا لم تكن صعوبة في الطريق فلا داعي لاستعمال السيف.

١٩ - إن الجماعة المسلمة ذات الشمول في المنهج والوضوح في الهدف بادئة من إعداد الفرد، منتهية بإقامة الحكم لله وحده ثم الانطلاق في الأرض لإعلاء دين الله، هي الجديرة بالولاء والنصرة.

٢٠ - الدعوة للجماعات الإسلامية العاملة في الميدان للتعاون في الأمور المتفق عليها، وأن يعذر كل منها الأخرى فيما اختلف فيه من الفروع والمناهج والأفكار وكف الحملات الكلامية ضد بعضها البعض، كيلا تبلبل أفكار العامة إذ ليس ذلك من صالح الدعوة إلى الله عز وجل بل في صالح أعداء الإسلام والمسلمين والله الموفق للصواب.

وإني وأنا أختم هذا البحث المتواضع لا أستطيع أن أقول إني قد أتيت بجديد أو بلغت مرتبة من الكمال فكم من باحث طويل الباع يكتب بحثا اليوم ثم يراجعه غدا فإذا هو يقول: لو أنني قدمت هذا لكان أحسن ولو أخرت هذا لكان يستحسن ولو أضفت ذلك لكان أكمل ولو حذفت ذلك لكان أجمل. فغاية القول أني بذلت كل ما في وسعي حسب ظروفي وحسبي أني حاولت إخراج الموضوع على هذه الصورة فإن أصبت فبتوفيق الله عز وجل وله الحمد والمنة وإن قصرت أو أخطأت فذلك طبيعة البشر وأستغفر الله وعزائي أن الكمال لله وحده وأن فوق كل ذي علم عليما. والحمد لهل رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين ومن دعا بدعوته إلى يوم الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>