للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تحدثت في المبحث الرابع: عن تحذير الله تعالى للمؤمنين من فتنة متاع الحياة الدنيا وزينتها. فبينت أولاً: أن الله عز وجل زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث؛ وذلك لحفظ الحياة ونموها واطرادها، ولتكون الشهوات موضوع ابتلاء واختبار وامتحان للناس؛ ليعلم الله تعالى من يطيعه ممن يعصيه؛ ولهذا وجه الله سبحانه المؤمنين إلى ضبط نفوسهم عن الاسترسال في هذه الشهوات المحببة الزينة، وعن الركون إليها، والانهماك فيها؛ حتى لا ينحرفوا عن الصراط المستقيم.

ثانيا: تكلمت عن تحذير الله تعالى للمؤمنين من فتنة آبائهم وأبنائهم وإخوانهم وأزواجهم وعشيرتهم وأموالهم والتجارة التي يخشون كسادها والمساكن المريحة. فوضحت أن هذه الزينة والمطامع واللذائذ، وتلك الوشائج قد تقعد الناس - خوفا وبخلا - عن الاستجابة لله وللرسول إذا دعاهم لما يحييهم، ولعلها قد تنأى بهم عن حب الله ورسوله وحب الجهاد في سبيله؛ ولهذا نبه الله سبحانه وتعالى المؤمنين ليكونوا في حذر ويقظة تامة من فتنة متاع الحياة الدنيا وزينتها. ثم أخبرهم بأنه من تلهى بالدنيا، وشغلته عن أداء فراض الله، فقد باء بغضب من ربه، وهو في الآخرة من الخاسرين.

ثالثا: تحدثت عن الابتلاء بالمال، وفصلت القول فيه، وضربت أمثلة عليه، وذكرت من ضمنها قصة ثعلبة، واستخلصت منها دروسا وعبرا. وفي خلالها تطرقت للابتلاء بالشر والخير، ووضحت أن الابتلاء بالخير هو أشد وطأة من الابتلاء بالشر. ثم أشرت إلى أن اليقظة للنفس في الابتلاء بالخير أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشر، والصلة بالله في الحالين هي وحدها الضمان.

وأما الباب الأول: فقد خصصته لدراسة ابتلاء الأولين. فعرضت فيه نماذج من ابتلائهم، وذلك بعد أن قسمته إلى خمسة فصول: تناولت بالدراسة في الفصل الأول: الابتلاء بالطاعة. وقسمت هذا الفصل إلى خمسة مباحث: تكلمت في المبحث الأول: عن ابتلاء آدم عليه السلام فوضحت أن الله تعالى أسكن آدم وزوجة الجنة، وأباح لهما كل شيء فيها إلا شجرة واحدة. ولكن إبليس ما أن علم بتلك الشجرة المحرمة، حتى طفق يكيد لهما، حتى أنزلهما من طاعة الله إلى معصيته، فأمرهما الله بالهبوط من الجنة على الأرض محل البلاء ودار التكليف.

ثم تناولت بالدراسة في المبحث الثاني: ابتلاء إبراهيم عليه السلام بتكاليف خاصة. فأشرت إلى أن الله ابتلاه بكلمات، فوفى بها؛ طاعة لله سبحانه وتعالى. فكان جزاؤه أن جعله الله إماما للناس. ثم تكلمت عن ابتلائه بذبح ابنه، فوضحت أنه عرض الأمر على إسماعيل عليه السلام فلبى طائعا. ولما شرعا عليهما السلام في أداء هذا التكليف، كان الابتلاء قد وصل غايته، واجتاز الخليل وابنه الامتحان. ومن ثم فداه الله بذبح عظيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>