وأما المبحث الثالث: فقد عرضت فيه صورا من ابتلاء بني إسرائيل بالطاعة. فتكلمت - أولاً - عن فتنة قوم موسى بالعجل. وبينت أنه لشدة البلاء بذلك الصنم، خالف غالبية القوم أمر نبيهم هارون عليه السلام وهموا بقتله، وأصروا على عبادة الوثن، ولما رجع إليهم موسى عليه السلام لم يقرهم على عبادة الصنم. فسقط في أيديهم. ثم تابوا إلى بارئهم، وقتلوا أنفسهم كما بين لهم موسى عليه السلام. ثم تحدثت عن قصة بقرة بني إسرائيل؛ فوضحت أن الله تعالى كلفهم بذبح بقرة، ولكنهم كما صورتهم الآيات القرآنية الخاصة بهذه القصة، كانوا يتسمون بالتعنت وعدم الالتزام بالطاعة. ثم تكلمت عن ابتلاء بني إسرائيل بدخول الأرض المقدسة؛ فبينت أن الله تعالى أمرهم بدخولها وكتب عليهم القتال، ولكنهم تخلوا عن الجهاد وأصروا على مخالفة أمر الله، آنذاك حرمها الله عليهم مدة أربعين سنة. ثم لما انتهت تلك المدة، أذن لهم بدخولها، وأمرهم بأن يدخلوا الباب سجدا وأن يقولوا: حطة. ولكن الظالمين منهم خالفوا أوامر الله فأنزل عليهم عذاباً من السماء. ثم تحدثت عن قصة أصحاب السبت، فوضحت أن الله تعالى جعل لبني إسرائيل يوم السبت عيدا للعبادة، ثم ابتلاهم بوجود الحيتان في ذلك اليوم دون سواه. فتجاوز فريق منهم حدود الله واعتدوا في السبت، هناك تصدى لهم فريق آخر فأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر، ولكنهم أصروا على معصيتهم، آنذاك حل العذاب الأليم بالظالمين.
ثم تناولت بالدراسة في المبحث الرابع: ابتلاء قوم طالوت. فبينت أنهم لما خرجوا معه للجهاد في سبيل الله، نهاهم عن شرب الماء من نهر الأردن، فلم يلتزموا له بالطاعة ولما رأوا كثرة جنود جالوت تخاذل أكثرهم ولم يبق فيهم إلا فئة قليلة، خاض بها طالوت المعركة فتلقت النصر من رب العالمين، واستحقت العز والتمكين.
وأما المبحث الخامس: فقد تحدثت فيه عن ابتلاء يونس عليه السلام فبينت أنه لم يصبر على إيذاء قومه وإعراضهم. فخرج من بين أظهرهم بغير إذن صريح له من الله تعالى. ولذلك ابتلاه الله بالحبس في بطن الحوت. فلما أقر بأنه كان من الظالمين لأنفسهم بمخالفة أوامر الله، نجاه تعالى من الغم، وشفاه من سقمه، ثم بعثه مرة أخرى إلى قومه.
وأما الفصل الثاني: فقد تكلمت فيه عن الابتلاء في مرحلة الإعداد للدعوة وبينت ذلك في مبحثين: تناولت بالدراسة في المبحث الأول: ابتلاء يوسف عليه السلام فحصرت الابتلاءات التي عاناها في ثلاثة عناصر كما يلي:
أ- يوسف وكيد إخوته له.
ب- امرأة العزيز تراود يوسف عن نفسه.
ج- يوسف في غياهب السجن.
ثم تكلمت في المبحث الثاني: عن ابتلاء موسى عليه السلام؛ فبينت أنه ولد حين كان فرعون عاليا في الأرض، يذبح أبناء بني إسرائيل ويستحيي نساءهم. ولكن الله سبحانه وتعالى رعاه وحماه ورباه في قصر فرعون. ولما بلغ أشده واستوى، ابتلاه الله بقتل رجل من قوم فرعون، فأتمر به الملأ ليقتلوه، ولما علم بذلك خرج إلى مدين. وهناك هيأ الله له مأوى في بيت الشيخ الصالح، ولما بلغ سن النبوة واستعد للدعوة، عاد رسولا من رب العالمين؛ ليعالجه بالقول اللين والبرهان المبين.
وأما الفصل الثالث: فقد خصصته لدراسة الابتلاء بالإعراض والأذى من المكذبين بالدعوة. وقسمته إلى أربعة مباحث:
تحدثت في المبحث الأول: عن ابتلاء نوح عليه السلام فبينت أنه لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، يدعوهم إلى التوحيد، وينذرهم لقاء يوم الدين، فاتهموه بالسفه والضلال وكثرة الجدل، ووصموه بالجنون، وهددوه بالرجم. وقابلوه بالسخرية والتهكم. فما زاده ذلك إلا إيمانا وتسليما، وصبرا وثباتا.