ب- ارتباط النظام العام بالسلطات الرئيسة في الدولة، كالسلطة القضائية التي يحميها النظام العام وهي في ذات الوقت تعد مصدراً له لأجل تحقيق العدالة في المجتمع، وارتباطه مع السلطتين التنفيذية والتنظيمية في قيام السلطتين بتطبيق قواعده وأحكامه المحققة للنفع العام في المجتمع.
ج- ارتباط النظام العام بفروع القانون المختلفة، حيث إنه يمثل الحد الأدنى من الحماية للأسس التي تقوم عليها الجماعة، فهو يتسع ليشمل فروع القانون المختلفة (العام والخاص)، وهو يقيم نظاماً ذا أولوية لحل الصعوبات القانونية الطارئة، وهو متنفس للتغيير وفي ذات الوقت مصدر للقانون.
١٢ - دائرة النظام العام في الشريعة الإسلامية ليست واسعة، فهو يختص بتطبيق قواعد الدين وشرائعه الأساسية التي تعد من حقوق الله؛ وبالتالي فهو اجب التطبيق في الشريعة الإسلامية، ويتفق القانون معها في هذا الحكم، والنظام السعودي أوجب ذلك أيضاً.
١٣ - النظام العام يستند في مصدريته إلى أدلة متفق عليها وتمثل استمداداً له، وهي:
أ- القرآن الكريم: وله دلالة لفظية وأخرى غير لفظية على النظام العام، فالدلالة اللفظية تتضح من خلال النصوص القرآنية الدالة على مراعاة المصلحة العامة وما يضادها من المفسدة، وحدود الله وحقوقه والاعتصام بحبله وعدم التفرق، والدلالة غير اللفظية تتبين في النصوص المتضمنة ضرب الأمثلة والاستدلال العقلي على النظام العام وعلى الدعوة للدخول في السلم العام والطاعة العامة والانقياد العام، وكذلك تأكيد مسألة المصدرية والمرجعية الربانية.
ب- السنة مماثلة للقرآن في دلالتها اللفظية: وفي المقابل استخدمت في دلالاتها غير اللفظية أسلوب التحذير من التساهل في حدود الله والشفاعة فيها، وإبطال الأحكام المخالفة للنظام العام، ووجوب الطاعة والامتثال لأحكام الشرع.
ج- يشترك الإجماع مع النظام العام في الأهداف والغايات من وجوب الطاعة واتباع سبيل المؤمنين ولزوم وحدتهم، كما أن الإجماع واجب الاتباع وهو مبني على النص ومن أنكره كفر، فهو من النظام العام.
د- للقياس دلالة على النظام العام تأتي من وجوبه ولزومه وابتنائه على أصول شرعية ثابتة هي ذات الأصول التي بني عليها النظام العام، كما أن علة القياس التي هي أساس فيه تقوم على الوصف المناسب المرتبط بالمصلحة التي يرعاها النظام العام، كما أن القياس يستخدم وظيفياً في إثبات النظام العام من خلال قياس النظام العام على أمور مهمة في الدولة تشترك معه في الأهمية والرسوخ كقاعدة الطاعة ومبدأ التشريع.
١٤ - يوجد في مقابل الأدلة المتفق عليها أدلة مختلف فيها ولها أيضاً دلالة على النظام العام وتمثل مصدراً له، وهي:
أ- المصالح المرسلة: ودلالتها على النظام العام تنشأ من رابطة المصلحة، فالنظام العام قائم على فكرة المصلحة العامة ورعايتها، كما أن المصلحة المرسلة لابد من أن تكون عامة ومستندة إلى أصل كلي، بل هي تمد النظام العام بالأحكام المناسبة في التدابير والإجراءات المستجدة.
ب- سد الذرائع: وتتضح دلالته من ارتباطه بمقاصد الشريعة التي هي من النظام العام، كما أن سد الذرائع يحمي أحكام النظام العام بسده للذرائع المفضية إلى الإخلال به، كما أنه يرتبط باعتبار المآلات الذي هو أصل من أصول النظام العام.
ج- الأعراف والعادات: النظام العام مفتقر إليها لابتناء أحكامه وقواعده وتطبيقها على الواقع، ولاسيما في الإجراءات والتدابير المستجدة، كما أن مساهمة العرف في تفسير بعض أحكامه واضحة، وهذا يدعم أحكام النظام العام في مرونتها وعموميتها وفي أثناء التقاضي فيها، كما أن العرف القانوني أيضاً يشترط لإعماله أن يكون متوافقاً مع النظام العام.