د- الاستحسان: وهو يقوم أصلاً على أدلة قوية من الكتاب والسنة والإجماع والقياس ونحوها، فهو رديف لهذه الأدلة في دلالتها على النظام العام، كما أن إعمال قاعدة الاستحسان يهدف إلى رفع الحرج والمشقة، وهذا أصل من أصول النظام العام، والاستحسان من الأصول التي بنيت عليها قاعدة مآلات الأفعال أيضاً.
١٥ - لمقاصد الشريعة دلالة كبيرة على النظام العام من أهمها رابطة المصلحة العامة التي يرعيانها، كما أن الحتم والإلزام الذي تمتاز به قواعد النظام العام من ضمن مقاصد تلك الأحكام، كما يتضح أن المقصد الأساسي للشريعة هو أصلاً تحقيق النظام العام وتطبيقه على واقع الحياة.
١٦ - القواعد والأحكام الكلية تساهم في إمداد النظام العام بأحكام وقواعد لبعض القضايا والنوازل المستجدة، ومن هنا تأتي دلالتها على النظام العام، فهي تمثل نظاماً عاماً بوجوب تطبيقها من القاضي أو المفتي أو غيرهما، وهي تقود لمعرفة مقاصد الشريعة وتعطي النظام العام تجدداً مستمراً باستمرارها.
١٧ - المعاهدات والاتفاقيات ذات دلالة مهمة على النظام العام من خلال وجوب احترامها والالتزام بها، كما أن معاهدات الرسول صلى الله عليه وسلم هي بذاتها مصدر تشريعي للنظام العام، وكذلك مصدر تفسيري له.
١٨ - للنظام العام تقسيمات عديدة باعتبارات متنوعة؛ سواء في الفقه أو النظام، ومن أشمل تقسيماته هو تقسيمه إلى نظام عام داخلي وآخر خارجي، فالداخلي محصور داخل الدولة وحدودها الإقليمية، والخارجي هو خارج حدودها المحلية؛ فيفترقان من حيث المفهوم ومن حيث الموضوع تبعاً لذلك.
١٩ - للنظام العام وظائف مهمة في الفقه الإسلامي، منها حماية المصلحة العامة كالتسعير الجبري وتحريم الرشوة، ومنها حماية الطرف الضعيف كالولاية على الصغير والمجنون وتطبيق نظرية الظروف الطارئة، ومنها حماية الغير كبطلان تصرفات المكره، ومنها حماية الإنسان نفسه كتحريم الانتحار ونحوه.
٢٠ - للنظام العام وظائف في القانون منها حماية الأسس العليا للمجتمع عن طريق القواعد القانونية التي لا يجوز مخالفتها، ومنها استبعاد تطبيق القانون الأجنبي المتعارض مع النظام العام.
٢١ - للنظام العام خصائص من أهمها:
أ- أنه نظام مصلحي: وتتضح وجوه المصلحة في الفقه بعدة أساليب منها إخبار الله سبحانه عن بعض صفاته أو أهمية كتابه أو تبيان النصوص لبعض المصالح على وجه التحديد أو التي تحمل معاني كبرى من مبادئ النظام العام، وهناك أحكام مصلحية للنظام العام لا يعرف تفسيرها كتحريم الربا ويمكن للعقل تلمس بعضها. أما في القانون فالمصلحة هي أساس النظام العام لكنها مصلحة غير ثابتة بل متغيرة ومتبدلة، وفي النظام السعودي امتثال لمعاني المصلحة المتوافقة مع النظام العام الشرعي كتقرير مبادئ العدل والشورى والمساواة.
ب- العمومية: وتتضح في الفقه من خلال عمومية الخطاب التشريعي للجميع، كالتطبيق الممارس للشعائر كالصلاة والحج ونحوهما، وكطرق المحاسبة والتقاضي والعقوبة المفروضة على الجميع، ورعاية شأن الجماعة المستمر ورعاية الإنسان من حيث هو إنسان، والنظام السعودي زاخر بنصوص العمومية أيضاً.
ج- الشمولية: وتتضح في الفقه من حيث الشمول العقدي والعبادي والأخلاقي والتشريعي؛ أي الشمول الموضوعي، وفي النظام السعودي وردت نصوص عديدة تفيد هذا الشمول.
د- الثبات والمرونة: ويتضح في الفقه من خلال مبدأ الشورى، فهو ثابت في تشريعه مرن في تطبيقه والعدالة كذلك، والنظام السعودي قرر هذا المبدأ الكلي في النظام الأساسي للحكم وترك تفصيله للأنظمة الفرعية.