للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما الوجه الخفي، فيتمثل في أن تعاملهم السياسي مع البلاد الإسلامية لا يلتزم بمبدأ، ولا تحكمه غاية يمتطي صهوة كل وسيلة، ويعمل على تحقيق المصلحة، موقداً لأجلها كل فتيلة مهلكة، وموقعاً في سبيلها أقرب العملاء، وأصدق الأصدقاء، فضلاً عن المناوئين والخصماء.

١١ـ بعد وقفات مع النظام العالمي الجديد، تبين أن الأعداء يعملون على مسايرة العصر في ترتيب النظام العالمي، وتجديد لإحكام القبضة علىالبلاد الإسلامية بما يناسب العصر، وأن توجهاته ولمحاته تقول بأن الأعداء يُطلون اليوم بوجه استعماري خفي، يَحكم العالم الإسلامي، ويُحكم السيطرة عليه، فلا حراك إلا بإشارتهم، ولا عمل إلا في دائرتهم، تَندرِج أو تُدرجَ، تُسايِر أو تُدابَر.

كما تبين أن دور العالم الإسلامي في هذا النظام لا يتجاوز أن يكون هدفاً رئيساً للنظام، وكأن النظام موجه له، مما يجعله امتداد لتلك التحزبات الشيطانية ضد الإسلام والمسلمين.

١٢ـ تملك الأمة الإسلامية خزائن وثروات وافرة، منها بشرية تنمو بصورة عالية، ذات تخصصات نادرة، ومجالات متفاوتة. ومنها ثروات مالية ذات وفرة وارفه، وخزائن في باطن الأرض مكنونة، وفي ظاهرها مبثوثة، ومواقع استراتيجية برية وبحرية مميزة عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، مما يعني أن الأمة من أغنى أمم الأرض قاطبة.

هذه الثروات تتعامل معها الأمة بوسائل تهدرها، وأساليب تبذرها، سواء من حيث الاستخراج والعناية، أو التوجيه والتنمية، أو الإنفاق. ذلك التعامل سبب رئيس في المعاناة المادية للأمة، وجعلها من أقل دول العالم المعاصر نمواً.

١٣ـ تبين أن الأعداء قد أحكموا قبضتهم على الاقتصاد العالمي، تنظيماً إدارياً، وعملاً ميدانياً وتسويقاً تجارياً، وأنهم قد استغلوا ذلك في التدخل في شؤون الدول الإسلامية، فسخروا المجال الاقتصادي لتحقيق غاياتهم الدينية والسياسية والفكرية والاجتماعية داخل البلاد الإسلامية، أَحكموا تلك الهيمنة، فحكموا، واستغلوها حتى وصلوا للكثير من غاياتهم.

١٤ـ تعاني الأمة من تخلف صناعي مؤلم، في جميع المجالات الصناعية، فإذا كانت الأمة قد أُمرت بإعداد القوة المرهبة للأعداء، فأمة اليوم لم تُعِد لنفسها الغذاء، والكساء، بل لم تعتمد على نفسها في شيء من ذلك، فضلاً عن إعداد قوة ترهب بها عدواً.

١٥ـ في مجال التدريب العسكري تبين أن التدريب في عالمنا الإسلامي يعاني من خلل كبير، أفقده الفاعلية، وألبسه الظاهرية، لأنه تدريب بدني في معزل عن التدريب الروحي والنفسي، مما جعل المتدرب جسداً دون روح، يتحرك ألياً دون تمعن أو نظر. وظهرت الازدواجية في أساليب التدريب ووسائله، كما ظهرت العشوائية في التخطيط والتنفيذ.

١٦ـ للأعداء قوة ظاهرة للعيان، ليست بحاجة إلى سرد وبيان، لكن الأهم فيها ما تبين من سعي حثيث من قبل الأعداء، لأجل تطوير تلك القوة، وتخصيصها بمبالغ كبيرة جداً، وتعاونهم في سبيل ذلك، مما جعل تلك القوة تزداد قوة على قوتها، وفاعلية على فاعليتها. مع ضوابط عديدة يُكرس بها الأعداء جهدهم في حجب تلك القوة عن الوصول إلى المسلمين، والحفاظ على جميع أسرارها الفنية.

١٧ـ تبين أن التدخل العسكري من قبل الأعداء في شؤون عالمنا الإسلامي، يتم حسب متطلبات الموقف، فهناك تدخل تحت شعار القانون الدولي، ومظلة الشرعية الدولية. وهناك تدخل فردي مباشر وسافر.

وفي جميع أشكال هذا التدخل يجد المتدخل من الآخرين دعماً معنوياً، وسياسياً، ومادياً، وإعلامياً.

١٨ـ من أبرز نتائج مظاهر الاحتلال المعاصر، أنه استجابة لمطلب العالم الكافر، بفعل ذلك الدعم المعنوي والمادي الذي تجده تلك المظاهر من أغلب دول العالم الكافر، وأن لأولئك المحتلين وسائل وأساليب لترسيخ ذلك الاحتلال، وطمس الهوية والمعالم الإسلامية، تتم وفق تنسيق وتفاهم، لتكون أكثر فاعلية وتكريساً للكفر وأهله.

ختاماً أحمد الله سبحانه وتعالى الذي بنعمته تتم الصالحات، وأصلي وأسلم على رسول الهدى والبيان صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>