للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحقيق هدفهم حين ظهرت فئة جديدة انشعبت من السبئية الغالية ادّعت الإسلام ظاهراً وباطنها الكفر الصُّراح تظاهرت بحب آل البيت ومنهم محمد بن الحنفية الذي استغلوا اسمه فسللوا فكرة المهدي في الفكر الإسلامي استمراراً للفكرة اليهودية ((السعي لإيجاد ملك من آل داود))، فكانت الشيعة والمختارية الحركة التي كانت أساس للحركات السرية الغالية الأخرى التي هدفت إلى القضاء على الإسلام كشريعةٍ وكنظامٍ للحياة وكعقيدة سهلة بسيطة تغزو النفوس فتتوجه إليها وترتاح إليها، فاستطاعت هذه الفرقة الغالية ومنها الهاشمية والجناحية إخراج الرسالة عن جوهرها وإخراج إنسان الرسالة عن إنسانيته وتطور الأمر إلى إخراج الأئمة عن إنسانيتهم وارتقوا بهم إلى مراكز الألوهية، بفعل دس أفكار الحلول والتناسخ.

وقد ألهبوا المشاعر بفكرة الثأر للحسين فتحرك أبو عمرة –كيسان- يقتل ويخرب ويهدم باسم الثأر للحسين.

واتسعت الحركات العصبية لتشمل بلاد المغرب فقام أهل الكتاب بدور الوسيط للتنسيق بين البربر والروم البيزنطيين ونظموا صفوف البربر فأصبحت المغرب ساحةً أخرى سفك فيها الدم المسلم.

وعملت عناصر أهل الكتاب في الشام على الإيقاع بين البيت الأموي نفسه فكانت فتنة عمرو بن سعيد الأشدق، وكان قتله محاولةً ضمن محاولات عبدالملك بن مروان للتخلص من نفوذ القبيلتين الكتابيتين تغلب وكلب.

وأدرك عبدالملك أثر تغلغل أهل الكتاب في دوائر الدولة وضمن الحاشية فتخلص من نفوذ سرجون وأسرته واستغنى عن خدمات أهل الكتاب بتعريب الدواوين تخلَّصاً منهم بعد أن أعادوا وحدة الدولة الإسلامية ولكنهم لم يعدموا الوسيلة للتسرب والتسلل إلى البلاط وإلى المجتمع فكان الأخطل صديقه.

واستغلوا نبوغهم في الطب فاستمروا في التسلل إلى البلاط الأموي والتقرب إلى ذوي المراكز العليا في الدولة كبشر والحجاج وعبدالعزيز بن مروان ونفذوا إلى المجتمع المسلم فاستمروا يوقعون الفتن والدسائس وتبنوا طريقة الاغتيالات بالسموم في المجال السلمي.

وفي المجال العسكري ساعدوا حركات الخوارج في المشرق وحركات البربر والبيزنطيين في الغرب، فكانوا أعوان الأزارقة والنجدات والأباضية كما كانوا أعوان كسيلة والكهانة ومسيرة في المغرب، وأسهموا في انشقاق الخوارج إلى فرق كثيرة إمعاناً في تفتيت الفئات الإسلامية وإضعافها، كما أسهموا في انشقاق الشيعة إلى فئات وفرق متنوعة منها السبئية والغرابية والكيسانية والكربية والحربية والهاشمية والجناحية وغيرها من الفرق وسللوا إلى هذه الفرق أفكارهم الهدامة لتصبح مع الزمن –وباستغلال العناصر التي أسلمت حديثاً والتي لا تتمكن من ناحية العربية- ضمن الفكر الإسلامي يباعد بين المسلمين ويوقع بينهم العداوة والبغضاء ويثير الشحناء، واستغلوا في ذلك تأويل النصوص الإسلامية.

ووجد عناصر أهل الكتاب رجلاً آخر كالمختار فيه الزهو والطموح والكبر وهو عبدالرحمن بن الأشعث، وكانوا قد أسهموا في إيجاد المدرسة القدرية والمدرسة المرجئية وبثّوا أفكارهم عن طريق هذه الفرق بين كثيرٍ من العناصر الإسلامية وخاصةً الحديثة العهد بالإسلام، فحركوا هذه العناصر للاشتراك في ثورة ابن الأشعث التي عمقت الهوَّة بين عرب الشام وعرب العراق، كما تمكنوا من إثارة الفتنة في جناحي الدولة الإسلامي الشرقي والغربي، فقاموا بالإفساد بين قتيبة بن مسلم الباهلي وجيشه في خراسان وانتهى الأمر بمقتل قتيبة، كما قاموا بالإفساد بين عبدالعزيز بن موسى بن نصير وجيشه في الأندلس عن طريق زوجه أرملة لوذريق وانتهى الأمر أيضاً بمقتل عبدالعزيز بن موسى بن نصير.

<<  <  ج: ص:  >  >>