كما أن المسجد النبوي الشريف شهد عمارات وتوسعات عدة زادت من مساحته؛ ففي عهد الخليفة عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – بلغت مساحة المسجد النبوي الشريف (١١٠٠م٢)، ثم أضاف إليها الخليفة عثمان بن عفان –رضي الله عنه- (٤٩٦م٢)، فأصبحت مساحته (١٥٩٦م٢)، ثم حدثت زيادة في عهد الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، كما زاد الوليد بن عبد الملك مساحة المسجد النبوي فأضافت الزيادتان للمسجد النبوي مساحة كبيرة، فأصبحت مساحته (٢٣٦٩م٢)، وزاد الخليفة المهدي مساحة المسجد زيادة قليلة فأصبحت المساحة (٢٤٥٠م٢)، وعندما تولى السلطان قايتباي المملوكي زادت مساحة المسجد إلى (٢٥٧٠م٢) بعد عمارته الثانية، ثم زاد السلطان عبد المجيد العثماني مساحة المسجد لتصبح (٣٨٦٣م٢)، ثم جاءت التوسعة السعودية الأولى للمسجد فزادت مساحته زيادة كبيرة، إذ بلغت المساحة الكلية للمسجد النبوي الشريف (٥٨.٠٠٠م٢)، وجاءت التوسعة الكبرى لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد فزاد مساحة المسجد زيادة عظيمة لتصل مساحته إلى (٤٠٠.٠٠م٢) لتصل قدرته الاستيعابية إلى سبعمائة ألف مصل، وفي وقت الذروة إلى حوالي مليوني مصل، باستخدام الطرقات والممرات داخل المسجد النبوي الشريف، أو المحيطة به.
وتبين من خلال متابعة الأعمال التي أجريت في الحرمين الشريفين السابقة على التوسعات السعودية أنها كانت تتمثل في ثلاثة أنواع من العمارة يمكن إيجازها فيما يأتي:
أ) الترميم: وهو سرعة إصلاح ما أصابه الضرر من عمارة الحرمين الشريفين جزئيا في موضع دون الآخر، أو في مجموعة مواضع دون شمولها لكامل مساحة الحرمين الشريفين، ويأتي هذا وفق متطلبات ضرورة الترميم في تلك الفترة، فقد يكون هذا الترميم تطلبته الحاجة الملحة لمعالجة مواطن الخلل التي كانت تظهر في عمارة الحرمين الشريفين بين فترة وأخرى وعلى مر العصور، نتيجة لعوامل مناخية، كشدة الحرارة والأمطار، أو البرودة أو الرطوبة، أو لعوامل زمانية تتمثل في تقادم المبنى وتآكل مواد البناء فيه، أو حدوث حريق لجزء من مبنى المسجد مما يتطلب سرعة عمل الترميمات اللازمة، أو إعادة جزء من البناء؛ لإبقاء مباني الحرمين الشريفين على صورتها المعمارية الجيدة طلباً للأجر والثواب من الله.
ب) العمارة: إعادة بناء موقع الحرمين الشريفين على المساحة نفسها أو تعمير جزء جديد وترك جزء آخر، وتختلف هذه العمارة من عصر إلى عصر، ومن دولة إلى آخرى.
ج) التوسعة: وتتمثل في زيادة المساحة للحرمين الشريفين أو لأحدهما، وتكون هذه التوسعة –في الغالب- مقيدة بظروف المساكن المحيطة بالحرمين، وما يتطلبه ذلك من توفير المال الكافي لنزع ملكياتها، وكان ذلك في البداية مصدر صعوبة نتيجة للظروف السياسية والمالية التي كانت تمر بها البلاد قبل توحيد المملكة العربية السعودية، وبروز الدور السعودي في التوسعة والإعمار للحرمين الشريفين بعد توحيد المملكة، وبعد توفر المال الكافي لتحويل الآمال إلى حقيقة بارزة للعيان، ومفخرة لهذا العهد السعودي الزاهر عبر القرون والأزمان.