١١ - خلال الوطن العراقي المشترك وعلى الرغم من الحركات العسكرية الكردية في الشمال العراقي، فإن الحقوق القومية للكرد كانت مصونةً في حدود المشاركة في الحكم والتعليم والثقافة والسياسة، وإصدار الصحف والمجلات والنشرات السياسية وغير السياسية، وكان للكرد ممثلوهم في المجالس التشريعية، وانخرطوا في أحزاب عراقية مشتركة تضم أبناء البلاد من جميع الانتماءات القومية، ولهم دورهم المؤثر في الجيش العراقي، حيث تولى ضباط كرد منصب قيادة الجيش العراقي، قام أحدهم بانقلاب عسكري ناجح، وتسلم رئاسة الوزارة شخصيات سياسية كردية.
١٢ - وفي النهاية ترى الدراسة أن قضية الكرد في العراق تتمحور حول حقائق ثلاث وهي:
أ- وجود أمة كردية تتحسس شخصيتها القومية ولها أرضها القومية تعيش فوقها.
ب- عدم وجود كيان سياسي لهذه الأمة.
ج- إن هذه الأمة مجزأة بين ثلاث كيانات تبعاً لتجزئة وطنها القومي كردستان.
القضية الكردية تستهدف إذن تحقيق أهداف ثلاثة وهي حرية الوطن والسيادة في الوطن ووحدة هذا الوطن. ويبدو من الواضح أن الكرد حددوا أهداف قضيتهم القومية، ووضعوا لها عناوين بارزة وأدبيات مقروءة، لكن القيادات الكردية وقعت في جملة أخطاء أثَّرت على مسار الحركة فجعلتها تتعثر باستمرار وتجلى ذلك أكثر ما يكون في الحالات الآتية:
١ - عدم الدقة في تحديد خريطة الوطن القومي الكردي (كردستان) وعدم الجرأة في إعلانها وفق منظور تاريخي ومستندات علمية ثابتة.
٢ - بعد الحرب العالمية الثانية تغيرت طبيعة النضال الكردي –عندما استلمت القيادات المثقفة والمتعلمة دفة النضال وعندما بدأت المدينة الكردية تجر وراءها الريف. وكان اندماج الفئة المثقفة بالحركة الوطنية الكردية أحد سمات المرحلة الجديدة.
٣ - عجز القيادات المتعاقبة عن توحيد صفوفها ومطالبها، حيث كانت تعاني كلها وباستمرار من تناقضات عميقة، هي صورة من التناقضات في المجتمع الكردي نفسه.
٤ - عدم تقدير الحركة الكردية الثاقب لهوية العدو والصديق والحليف، ودخولها في مساومات سيئة الدلالة وزج القضية الكردية في نشاطات العناصر المعارضة للدولة.
٥ - سوء تحديد القيادات الكردية لمواقيت تحركاتها المسلحة وفي تخيلها أنها قامت بثورات شعبية حقيقة، جعلوا لها تسميات تاريخية، ولكن هذه الحركات لم تكن ثورات في المفهوم العلمي المعاصر للثورة، بل إنها لم تكن أكثر من حركات مسلحة ضد عساكر الدولة.