يتطلب من الدول العربية والإسلامية تحرير القضاء من العوائق المعرقلة لسير العدالة، والحرص على تطبيق نظام الحدود في الإسلام دون تعطيل أو اجتهاد في مشروعيته ووجوبه، مع بذل الجهد في حسن اختيار القضاة وتأهيلهم تأهيلا علميا، وتربويا، ونفسيا، وثقافيا، وتقنيا، ونظاميا، وقانونيا، وإعدادهم إعدادا متطورا حتى يستطيعوا تحمل عبء المسؤولية الملقاة عليهم مقابل عبء ضخامة حجم دور القضاء في إصلاح المجتمعات، وما يعوله عليهم الأفراد والجماعات والشعوب بأكملها، مع ضمان تحقيق مبدأ استقلالية القضاء عن أي تدخل أو نفوذ من جميع أطراف المسؤولين بقواهم ومراكزهم ومسؤولياتهم كافة، وتوفير الضمانات المادية والمعنوية كافة للقضاة حتى يستطيعوا تحقيق الحق وتطبيق مبدأ العدالة في الأحكام والمحاكم الشرعية دون خوف أو وجل.
التوصية الثالثة:
إن لب القضاء وأسباب وجوده وثمرة جهوده هو ما ينتج منه من أحكام عادلة تحقق الحق لصاحبه غير أن هذا الحق يتطلب الإسراع في البت فيه من قبل القاضي في ميعاد معقول ووقت معلوم؛ لأن سرعة الفصل في الدعاوى واجب عام تلتزم به المحاكم، ويحرص القاضي على إنهائه تحقيقا للمصلحة العامة والخاصة، ولا يعني أن سرعة البت في القضايا تحله كثرة المحاكم والتوسع في فتحها في أرجاء البلاد بقدر ما يحل هذه المعضلة في دول العالم العربي والإسلامي والمملكة العربية السعودية من ضمنها وجود عدد كاف من القضاة المؤهلين تأهيلا كافيا بأنواع العلوم والمعارف قديمها وحديثها التي تعين القاضي، وتسهل له مهمته في إنجاز ما لديه من القضايا، مع الأخذ في الحسبان حسن الاختيار لنوعية القضاة بأقصى درجة ممكنة ممن يتصفون بالأمانة والنزاهة والكفاءة وحسن السيرة وطيب السمعة؛ لأن حارس القضاء، وأمين العدل، وناصر المظلوم، وصمام أمان المجتمع بأكمله وطنا ومواطنا ودولة باعتباره رجل القضاء؛ فإنه يجب أن تتوفر فيه تلك الصفات مع جعل مفاهيم حقوق الإنسان جزءا جوهريا من التكوين المهني للمشتغلين بالقضاء ومتى تحقق هذا الطلب في المجتمع الشرعي، فسيكون هناك تراكم قضايا مع تراكم سنوات من المداعاة، وسوف يكون من نافلة الطلب في توسع درجات التقاضي؛ لأن التوسع لا يزيد الأمر إلا تعقيدا وتطويلا وزيادة في الممارسات غير الإنسانية من بذل الصرف على أبواب المحامين فضلا عن زيادة الإحن والحقد والبغضاء بين المتخاصمين، وقد يضيع الحق بسبب شهادات ملفقة ودعاوى مزورة، وقد يموت صاحب الحق قبل أن يأخذ حقه فيزيد الأمر سوءا وتعقيدا، وهنا ينصب اللوم على القضاء والقضاة من جراء الظلم والحرمان وضياع الحق بين المتخاصمين.