للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ـ ثم ختمت الأسباب ببيان أن الحسن البصري ـ رحمه الله ـ هو أكثر السلف الذين تُعزى إليهم الأقوال الشاذة المخالفة لما ثبت عن جماعتهم. ولعل من أهم الأسباب في ذلك: كون المعتزلة يعدونه منهم ـ زوراً وبهتاناً ـ، وينسبون إليه لذلك بعض الروايات المنكرة ترويجاً لها، هذا مع ضعف عنايتهم بالآثار، وقلة علمهم بصحيحها من ضعيفها.

ـ ذكرت بعض اللفتات العابرة في موضوع الإجماع عند المفسرين الذين تم جمع مادة البحث من كتبهم، ومن أهمها:

١ـ أكثر المفسرين حكاية للإجماع هو الإمام الطبري. والإجماعات كثيرة في تفسيره، ومما قلل الانتفاع بها: ما تقدم من أن مذهبه في الإجماع عدم الاعتداد بمخلفة الواحد والاثنين.

٢ـ كما كان ـ رحمه الله ـ يخالف بين العبارات عندما يحكي الإجماع للدلالة على اختلاف حقيقة الإجماع، من حيث وجودُ المخالف وعدمُه.

٣ـ ذكرت أن الإمام الواحدي متساهل في حكاية الإجماع، بما يدعو إلى أخذ الحيطة والحذر من دعاوى الإجماع المبثوثة في تفسيره.

٤ـ بينت أن ابن عطية مكثر من ذكر الإجماع في تفسيره، وأنه يعتمد كثيراً في حكاية الإجماع على تفسير الطبري. ٥ـ كما ذكرت أنه لجلالة تفسير ابن عطية، فقد استفاد منه جمع ممن جاء بعده، وعلى رأسهم: الإمامان القرطبي وأبو حيان. ونقلا عنه لذلك الإجماعات التي حكاها، ونقلها عنهما من استفاد منهما، كالشوكاني والآلوسي وغيرهما.

٦ـ أما الإمام القرطبي فقد عُني بجمع المسائل المجمع عليها في الشريعة عناية فائقة، خصوصاً ما تعلق منها بالأحكام، وإذا عُرِفَتْ مصادره التي اعتمدها في تفسيره، زالت الغرابة في سبب كثرة إجماعاته، فكتب ابن المنذر، وابن عبد البر، وابن العربي، وابن عطية، وغيرهم ممن كان معروفاً بالعناية بحكاية الإجماع، قد ضمَّن القرطبيُّ تفسيرَه الكبيرَ خلاصتَها.

٧ـ ولم يكن القرطبي ناقلاً فقط، بل كانت له وقفات مع الإجماعات التي ينقلها، مناقشة وتقويماً.

وفي القسم التطبيقي، اجتمع لدي من الإجماعات في التفسير (١٧٧) إجماعاً، تمَّ استخلاصها من كتب التفسير الستة التي شملتها خطة البحث وهي: تفسير الطبري، وابن حاتم، والماوردي والواحدي، وابن عطية، والقرطبي ـ رحمهم الله جميعاً ـ وقد ناقشتها ـ بحمد الله ـ جميعاً، وميزت الصحيح من غيره على ضوء القواعد الأصولية والمنهج الذي ذكرته في مقدمة الرسالة.

ـ هذا وقد اتضح لي بعد الدراسة عدم صحة الإجماع في (٤٦) موضعاً، لوجود الخلاف.

وأما الباقي وهو (١٣١) إجماعاً، فمنها ما قطعت فيه بصحة الإجماع، ومنها ما استظهرت فيه الصحة، وهو الأكثر، ومنها ما هو محتمل للصحة مع التأويل أو توجيه العبارة، وهذه لا تتجاوز (١٠) مواضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>