للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك فيما يترتب على جزاءات هذه التشريعات ثواباً أو عقاباً، وكل تشريعٍ في شيءٍ من هذه الأمور أو جزاءاتها اعتداءً على أخص خصائص الإلهية، وهي التحليل والتحريم.

١٤ - الأصل في نفاذ الأحكام، وموافقتها للشرع ومطابقتها للحق، ووظيفة الحاكم والقاضي: الاجتهاد لفهم الحكم الصحيح والقضاء به، ثم تنفيذه، فإن جانب الحكم الصواب، فإنه لا يحلل بذاته الحرام ولا يحرم الحلال، فمن قُضي له بشيءٍ ليس في حكم الله فلا يحل له أخذه، ولو كان صدر به حكم قضائي.

١٥ - للقرآن الكريم في عرض قضية الحكم والتحاكم أساليب متعددة، تعتبر في مجموعها، من الأدلة القوية على إيجاب العمل بما أنزل الله، وكثرة هذه الأساليب وتنوعها من الأمور التي تميز الأصول عن الفروع، وتفيد يقينية الوجوب وأهمية الامتثال.

١٦ - إضافةً إلى أدلة الأساليب الإجمالية، فهناك أدلةً نصيّةً كثيرةً، جاء بها الكتاب، وبينتها السنة، وهي تفيد إيجاب الحكم بما أنزل الله، وقد جاءت هذه الأدلة على معظم الصيغ التي يعتبرها علماء الأصول صيغاً للوجوب، مثل ما جاء على صيغة الأمر الصريح، والصيغة الطلبية بفعل الأمر أو لام الأمر، وما جاء على صيغة الإخبار بأن الفعل من مقتضى الإيمان، أو تركه يناقض الإيمان، وما جاء على صيغة الإخبار بأن ترك الفعل كفرٌ أو ظلم أو فسق، وما جاء على صيغة الاستفهام التعجبي والإنكاري على ترك الفعل أو إتيان ضده، وما جاء على صيغة حمل الفعل المطلوب على المطلوب منه.

١٧ - وجاءت أدلة نصية أخرى تدل على إيجاب التحاكم إلى ما أنزل الله، منها ما هو متوجه إلى الحكام، ومنها ما يشملهم ويشمل المحكومين.

١٨ - وهناك بواعث عديدة ذكرها القرآن، تقف وراء اتخاذ المعرضين مواقف الإعراض عما أنزل الله منها: كراهية ما أنزل الله، الاستكبار، واتباع الأهواء، وإيثار المتاع العاجل، والخوف والريبة وسوء الظن بالله، والأمان الكاذبة، وقصور العقل وجموده عند التقليد وفساد الطوية.

١٩ - الانحراف عن شريعة الله تعالى يمكن تقسيمه إلى قسمين رئيسيين: الأول: الانحراف بها، والثاني: الانحراف عنها. فالأول هو ما يشمل كل أنواع الانحراف في التطبيق مثل: التحريف، والكتمان، التبعيض، والتفريق، والتأويل، والهجر. وفي أحكام هذا الانحراف تفصيل على حسب قدر الانحراف. أما الثاني: وهو الانحراف عن الشريعة، فهو انحراف عن أصل التطبيق، بمعنى إقصاء الشرعية جملةً واستبدال أخرى بها منسوخةً أو موضوعة، يُحكم بها ويُتحاكم إليها، وهذا النوع من الانحراف لم يختلف أحد من علماء السلف والخلف والمعتبرين في كون أصحابه كفاراً مرتدين ردَّةً صريحةً عن الدين، وخارجين خروجاً بيِّناً عن ملة الإسلام. وهذا اللون من الانحراف هو أخطر أنواع الانحرافات كلها.

٢٠ - التبديل مصطلح قرآني، يطلق على فعل من أهل الباطل مكان الحق، ليحكم به ويتحاكم إليه، وهو مصطلح يحتاج إلى إحياء وإعادة استعمال.

٢١ - وضح علماء أهل السنة الضوابط التي بها يعرف ما يمكن أن يخرج به المرء عن الملة وما لا يخرج، وقرروا أن الكفر المخرج عن الملة هو الكفر بالصفات التي يستلزم الكفر بها نفي الإلهية، مثل الكفر بكون الله تعالى حكيماً، أو عليماً، أو خبيراً، أو بصيراً، أو سميعاً، أو أنه أرسل رسلاً لهداية الخلق، وأنزل كتباً على هؤلاء الرسل.

٢٢ - أطلق القرآن على من لم يحكم بما أنزل الله وصف الكفر فهو وصف لازم له، سواءً أكان كفره مخرجاً عن الملة أو لا.

<<  <  ج: ص:  >  >>