١٣ - الناس في الموقف يكونون على هيئات مختلفة وأحوال متباينة على ما لا يتصور من الهم والكرب، كما وردت بذلك النصوص من كتاب الله عز وجل ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وتبين أن ما ورد من خلاف العلماء في طول مدة الموقف وقصرها إنما هو بالنسبة للأشخاص حسب أعمالهم.
١٤ - الأرض التي يقف عليها الخلق مما وقع فيه الخلاف بين العلماء في صفتها وكيفيتها، والذي يترجح من ذلك هو القول بأنها أرض مستوية تطهر لنزول الله تعالى لفصل القضاء، وأما حقيقتها ومم تكون فعلم ذلك إلى الله تعالى.
١٥ - تبين لي كذلك أن الشفاعات تنقسم إلى شفاعات ثابتة وشفاعات منفية، وأن من الشفاعات ما هو خاص بالرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومنها ما هو مشترك بينه وبين بقية المخلوقات، وتبين كذلك أن هناك شفاعات ثابتة جاء بها النص، وشفاعات غير ثابتة بنص صحيح.
١٦ - وتبين كذلك أن بعض الأعمال مما يثبت به الشفاعة، وبعضها لم يثبت به نص صحيح.
وأن فيه أموراً تمنع الشفاعة وأموراً لم يصح ما قيل من نفي الشفاعة بسببها.
١٧ - تبين أن من الشفعاء الذين أكرمهم الله بقبول شفاعتهم الأنبياء والملائكة والشهداء والولدان، وشفاعة المؤمنين بعضهم في بعض، وشفاعة القرآن الكريم.
وفي مقابل أولئك فإن هناك شفعاء لم يثبت بهم نص صحيح.
١٨ - تبين أن الله تعالى ينزل نزولاً يليق به جل وعلا للفصل بين الخلق في يوم القيامة، وهذا هو ما تؤيده الأدلة من كتاب الله تعالى ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقوال علماء السلف، وأن من أوله إلى أي معنى من معاني التأويل كمجيء أمره أو غير ذلك فإن قوله باطل.
١٩ - تبين أن رؤية الله تعالى في عرصات القيامة أمر ممكن عقلاً، وهو ما قررته النصوص الكثيرة من كتاب الله ومن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم؛ وأن من قال باستحالة رؤيته تعالى فإنه ضال عن الهدى غير متبع للحق. وأن ما ظهر من الخلاف في رؤية غير المؤمنين لربهم مما وقع فيه النزاع بين العلماء، وهي من المسائل التي سكت عنها الصدر الأول من السلف وخاض فيها من جاء بعدهم، وكذلك مسألة رؤية الله تعالى في جهة.
٢٠ - تبين كذلك أن كلام الله تعالى صفة حقيقية له جل وعلا، وأن الله يكلم خلقه في يوم القيامة، كما ثبت ذلك بالقرآن الكريم والسنة المطهرة وأقوال علماء السلف، ومن أنكر هذا فقوله باطل، وأن ما ورد من عدم كلام الله تعالى لبعض خلقه في يوم القيامة فإنما هو من باب العقوبة لهم، أو أنه لا يكلمهم بكلام الرضى والسرور، بل بكلام التقرير والتوبيخ.
وأما بأي لغة يتكلم الله يوم القيامة فهذا مما لم يرد بيانه بنص صحيح وعلمه إلى الله تعالى.
٢١ - تبين أن العرض على الله جل وعلا في موقف فصل القضاء أمر ثابت كما نص عليه كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأن إثبات ذلك على ضوء تلك النصوص هو القول الحق دون الالتفات إلى أقوال المؤولين وتحريفاتهم.
٢٢ - ظهر كذلك أن إيتاء الصحف أو كتاب الأعمال من الأمور الثابتة في يوم القيامة، لورودها في كتاب الله عز وجل وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم وأقوال علماء الإسلام، ولا عبرة بقول من أنكرها.
وأن كل إنسان لابد وأن يقرأ كتابه بعد أن يأخذ بيمينه أو بشماله، سواء كان قارئاً أم لم يكن قارئاً، وأن لله تعالى حكمة في ذلك.
٢٣ - ومن الأمور الأخرى التي تقع في الموقف: الحساب؛ فقد ثبت وقوعه بالكتاب والسنة، وأن الله تعالى هو المتولي حساب خلقه حسبما تقتضيه مشيئة الله تعالى، وأن الحساب له كيفيات مختلفة، وأن من الناس من يستثنى من الحساب فلا يشمله.
وأن ما جاء من أول من يحاسب وفي أول ما يُسأل عنه العبد من المسائل التي وقع فيها الخلاف بين العلماء.