ب- كونها من المبشرات، ومن ذلك تفسير قوله عز وجل: {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} فقد جاءت الأحاديث والآثار بأن البشرى في الحياة الدنيا هي الرؤيا الصالحة.
ج- كونها من أهل الصدق والصلاح.
١٧ - أن رؤيا المؤمن عند اقتراب الزمان لا تكاد تكذب.
١٨ - من أراد أن تصدق رؤياه فليتحر الصدق، وأن يكون الله ولياً تقياً، متحرزاً من الشيطان.
١٩ - أن الشخص قد يكون من أولياء الله وإن لم يحصل على شيء من ذلك، وعدم ذلك لا يضره ولا ينقص في مرتبته عند الله.
٢٠ - أن الشيطان حريص على تحزين وتخويف الإنسان حتى في المنام، ولذلك جاءت التوجيهات النبوية بالتحرز من الشيطان بكثرة ذكر الله وقراءة القرآن، والمعوذات.
٢١ - أن الناس في الرؤى ينقسمون إلى ثلاثة أقسام:
أ- من رؤاهم كلها صدق وحق وهم الأنبياء.
ب- من الغالب على رؤاهم الصدق وهم الصالحون.
ج- من الغالب على رؤاهم الأضغاث وهم عدا الأنبياء والصالحين.
٢٢ - أن الرؤيا الصالحة لا يسوغ العمل بها، إلا إذا وافقت نصاً شرعياً، وعند ذلك تكون العبرة بالنص لا بها، فإنما حاصلها الاستئناس والاستبشار، كما وصفت بأنها مبشرات.
٢٣ - أن رؤيا الأنبياء وحي، بل هي أول مبدأ الوحي للأنبياء، لعصمتهم من الشيطان، ولذلك ما جاء من الرؤى عن الأنبياء فيجب الإيمان بما دلت عليه، والعمل بذلك أمراً ونهياً.
٢٤ - أن الأحاديث جاءت متواترة في كون الرؤيا الصالحة جزءاً من أجزاء النبوة. ومعنى كونها جزءاً من أجزاء النبوة تشبيه الرؤيا بالنبوة في صدقها، أو أنها علم من أعلام النبوة باق والنبوة غير باقية، كما يقال في الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد من أجزاء النبوة، وكما يقال في إماطة الأذى من شعب الإيمان.
٢٥ - أن اختلاف الروايات في عدد أجزاء النبوة التي نسبت إليها الرؤيا الصالحة أمر لا نعلم الحكمة منه، وقد ذكر العلماء عدة توجيهات أحسنها قول الطبري – عالم الكتاب والسنة – أن ذلك يرجع إلى حال الرائي من الصدق والصلاح.
٢٦ - أن الذي تنسب رؤياه إلى أجزاء النبوة هو المؤمن الصالح، أما الكافر والفاسق فلا تنسب رؤياهم إلى النبوة، وإن صدقت.
٢٧ - أن الرؤيا الصالحة تدخل في معنى الوحي العام، كما قال تعالى: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً} [الشورى: ٥١].
فذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن هذا الوحي عام في اليقظة والمنام للأنبياء وغيرهم.
وتسمية الرؤيا وحياً وإلهاماً لا يعني أنها معصومة من الخطأ، أو أنها مصدر تلقي، وليس لأحد أن يطلق القول بأن ما يقع له أنه وحي لا في اليقظة ولا في المنام، لأن الوسواس غالب على الناس.
٢٨ - أن هناك نظريات خاطئة قدمها علم النفس في تفسير الرؤى، وكلها تغفل جوانب من الرؤيا دلت الأدلة الشرعية على صحتها، كالرؤيا الصادقة، والرؤيا من الشيطان، وانحصرت دراساتهم في نوع واحد فقط، مع تخبط في هذا.
٢٩ - أن الصوفية تغالي في الرؤى حتى تجعلها مصدراً يقينياً يبنون عليها كثيراً من عقائدهم الباطلة، ويستندون إليها في ترويج ضلالاتهم، ومعرفة الحلال والحرام، وتفسير آيات القرآن، وتصحيح وتضعيف الأحاديث، ونسج الفضائل والمناقب لشيوخهم وغير ذلك.
٣٠ - أن الرؤيا ليست مصدراً للتلقي والتشريع لما يلي:
أ- أن الله عز وجل قد أكمل لهذه الأمة دينها، ولم يمت صلى الله عليه وسلم إلا وقد بلغ دين الله.
ب- أن الاعتماد على الرؤى في التلقي يلزم منه أن الله لم يكمل الدين، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يبلغه عن الله.
ج- أن الحق الذي لا يشوبه باطل هو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، أما المنامات وغيرها ففيها حق وباطل.
د- ليس هناك دليل من الشرع يدل على أن الاحتجاج بالرؤى جائز.