للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكرت كذلك في مجال بث الفرقة والاختلاف دور المنافقين في إثارة العصبية والتحزب بين المسلمين، وأوردت أمثلة توضح ذلك، كما في قول ابن سلول في غزوة بني المصطلق – وهو يخاطب الأنصار محرضاً لهم ضد المهاجرين: (هذا ما فعلتم بأنفسكم، احللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما والله لو أمسكتم عنهم ما بأيديكم لتحولوا إلى غير داركم!) وقد ربطت الموضوع بالعصر الحاضر فذكرت نماذج لما يفعله منافقو هذا العصر وأذنابهم من اليهود والنصارى لمحاولة بث الفرقة بين المسلمين عن طريق إثارة العصبية والتحزب بينهم.

وفي المجال الثالث من مجالات الفتنة وهو الصد عن سبيل الله – تعالى – ذكرت دور أعداء الله – تعالى – من الكافرين ومن نحا نحوهم من شياطين الإنس، في الصد عن سبيل الله – تعالى -، وحصرت الحديث في هذا المجال حول ثلاثة أمور، يسلكها هؤلاء ليؤدوا مهمتهم في الصد عن سبيل الله – تعالى – فالأمر الأول هو الإغراء والإغواء، وركزت فيه على قضيتين خطيرتين الأولى: محاولة الشيطان إغراء الإنسان وإغواءه وذكرت مثالين لذلك، والثانية: محاولة الزعماء والكبراء من شياطين الإنس إغراء أتباعهم وإغواءهم، وبينت أثر الانقياد لهم بأنه الخسارة في الدنيا، والهلاك في الآخرة.

وأما الأمر الثاني فهو محاولة صرف الناس عن القرآن، وفيه بينت تحذير الله – تعالى – لنبيه – صلى الله عليه وسلم – من أن يصده الكفار عن آيات ربه بعد إذ أنزلت إليه، لما يعلم سبحانه من محاولاتهم المتتابعة لصرفه – صلى الله عليه وسلم – عن القرآن، وبينت في ذلك الأثر الذي يحدثه هذا التحذير الإلهي على علماء الإسلام ودعاته أن يتنبهوا لمكائد الكفار في ذلك، ويقفوا أمامها كالجبال الشوامخ، ولو كان ذلك على حساب الجماجم والأشلاء.

وأن لا ينخدعوا بما خدع به أولئك المنهزمون الذين يبيعون دينهم مقابل إرواء النزوات، وإشباع الشهوات.

وأما الأمر الثالث: فهو محاولة خداع الناس وإغراقهم بالشهوات، وفيه بينت الأهداف التي يفعلها الكفار لتحقيق هذا الأمر، في مجال التربية والتعليم، وفي وسائل الإعلام المقروءة والمرئية، وفي الخمور والمخدرات، ثم أخيراً في الرياضة والكرة.

ثم ختمت هذا المبحث الهام بذكر بعض التوصيات التي تمثل ما أراه علاجاً نقف به ضد تلك الأهداف الخبيثة والمؤامرات الحاقدة.

٤ - تبين لنا من خلال دراسة مظاهر الفتنة في القرآن خمسة مظاهر، أولها: الكفر والشرك، وتبين لنا من دراسة هذا المظهر الوسائل التي يسلكها المجرمون لإدخال المؤمنين في الشرك والكفر. والمظهر الثاني: النساء، وعرفنا عظم الفتنة بهن، وواجب الأمة في الحذر منهن، ومحاربة كل من يدعو إلى فسقهن ومجونهن، والمظهر الثالث: إتيان الذكران، وعرفنا أنه من أعظم الفتن وأكبر المحن التي تنزل بسببها النقم والبليات، وبينا في ذلك سبل الوقاية والعلاج، والمظهر الرابع: الحكم والسلطة، وبينا أنه من أشد الفتنة لما جبل عليه الإنسان من حب التملك والتسلط، وعرفنا أن من أكبر أسبابها الحاشية الفاسدة، وأن هنالك شروطاً وواجبات للحاكم، إذا التزم بها وطبقها كان ذلك عونا له على النجاة من هذه الفتنة. والمظهر الخامس والأخير: السحر، وعرفنا أنه من أعظم الفتن التي تمر بالمجتمعات الإسلامية لما له عليها من آثار موجعة، وظهر لنا من خلال دراسة هذا المظهر الأضرار العظيمة الناتجة من ظهور هذه الفتنة، وبينا الأمور التي تساعد على الخلاص من هذا الشر العريض.

<<  <  ج: ص:  >  >>