٥ - اتضح لنا من خلال دراسة أسباب الفتنة في القرآن خمسة أسباب؛ الأموال والأولاد، والمعصية، واتباع الشيطان، وموالاة الكافرين، واتباع المتشابه، وعرفنا من خلال استعراض كل سبب من هذه الأسباب كيف يقع الإنسان بسببه في الفتنة، وشرحنا ذلك شرحاً مفصلاً.
٦ - تبين لنا من خلال دراسة أساليب القرآن في التحذير من الفتنة جمع من الأساليب القرآنية، فهذا أمر، وذاك نهي، وهذا تهديد وذاك تقريع، وهذا نفي، وذاك استفهام، وهذا تعجب، وذاك خبر، وهذا دعاء، وذاك شرط .. وعرفنا كيف دل كل واحد من هذه الأساليب على التحذير من الفتنة، وبينا الفتنة التي يحذر منها في كل أسلوب ذكرناه.
٧ - عرفنا من خلال استعراض آثار الفتنة في القرآن ستة آثار، حيث انكشف لنا أن الفتن تبين الصادقين، وتميزهم عن الكاذبين، كما أنها تكشف أستار المنافقين وألاعيبهم، وتفضحهم على الملأ، وعند حدوث الفتن والصبر عليها ينال المؤمنون بصبرهم عليها، وجهادهم المغفرة والرحمة من رب العالمين، وبحدوث الفتن والبلايا يتميز الصابرون والشاكرون الذين صبروا عند البلاء، وشكروا عند الرخاء، وكلاهما فتنة، يتميز هؤلاء من أولئك القانطين من رحمة الله، الجاحدين لنعمه وآلائه.
وعرفنا أنه بحدوث الفتن يعرف المسلم عدوه الشيطان، فيحذر من كيده ويتنبه لطرقه في الصد والإضلال لئلا يقع فيها.
كما أنه بالفتن يعرف المسلم أعداءه من اليهود والنصارى وأذنابهم، فيتنبه لمكرهم، ويحذر من الوقوع في شباكهم.
٨ - اتضح لنا من خلال مدارسة سبل النجاة من الفتنة تسعة أمور، فأولها الاعتصام بالكتاب والسنة، وثانيها لزوم الجماعة، وعرفنا أن أكثر الفتن التي نزلت بأمتنا إنما هي بسبب إهمال هذين الأمرين العظيمين.
وثالثها: إعلان الجهاد ضد الكفار، وإبراز القوة ضدهم، إذ أن كثيراً من الفتن التي حلت بالمسلمين وأهمها تسلط الكافرين ما وقعت إلا عندما أهمل المسلمون هذا الجانب العظيم في دينهم.
ورابعها: الصبر، إذ إن كثيراً من الناس قد وقع في الفتنة، وما ذاك إلا بسبب تركه للصبر، هذا السلاح العظيم.
وخامسها: اللجوء إلى الله – تعالى – فإن كثيراً من الخلق لا يكون بينه وبين الفتنة إلا شعرات، فما ينقذه من الوقوع فيها إلا لجؤوه إلى ربه، واستغاثته به، كما عرفنا ذلك من خلال آيات القرآن، وسنة نبينا الكريم- عليه الصلاة والسلام-.
وسادسها: مقاومة أسباب الفتنة التي تقدم بيانها، إذ إن المسلم إذا لم يعرف أسباب الفتنة، ويقاومها بالطرق السليمة الصحيحة فربما وقع في الفتنة وهو لا يدري، فيندم بعد ذلك، ولات ساعة مندم.
وسابعها: الحذر من الأعداء، وعرفنا أن أهم الأعداء الذين تواجههم الأمة في هذا العصر ثلاث طوائف: اليهود والنصارى، والشيعة الإمامية، والمنافقون من علمانيين وحداثيين ونحوهم، واتضحت لنا من خلال هذه السبيل الطرق التي يجب علينا اتخاذها لنقاوم بها فتن هؤلاء الأعداء.
وثامنها: الحذر من الإشاعات، وعرفنا هنا خطر الإشاعات، وآثارها المدمرة في الفرد والأمة، وكشفنا عن الطرق التي يمكن سلوكها للنجاة من هذه الفتنة العمياء.
وتاسعها: - وهو آخرها – الثقة بنصر الله – تعالى – للمؤمنين، واليقين بأن المستقبل لهذا الدين مهما تكالب عليه الأعداء والحاقدون، ومهما داهمته الفتن، واجتمعت عليه الرزايا والمحن، وشرحنا ذلك شرحا مفصلاً كما شركه كتاب ربنا، وأوضحته سنة رسولنا – صلى الله عليه وسلم – وكشفه لنا تاريخنا ..
ونبهت هنا إلى أن الثقة بنصر الله – تعالى – لا تعني أن يعرفها المسلم، ويترك العمل لدينه، بل لابد مع هذه الثقة أن يسعى لخدمة دينه، والدفاع عن أبناء ملته من المستضعفين من المؤمنين في كل مكان، وأن تتحرك كل ذرة في جسده للعمل الجاد الصالح، وإن الله – تعالى – إذا علم من العبد صدقه في ذلك وفقه وأعانه، ويسر له السبل في ذلك مهما بلغت مشقتها، فإنه بيديه وحده – سبحانه – مقاليد الأمور، وهو الذي يقول للشيء كن فيكون، وهو سبحانه الغالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.