ونشروا في العالم التشنيع على دعوة علماء السلف في قلب الجزيرة بالرجوع إلى الوحيين الشريفين، ونبزهم بشتى الألقاب للتنفير.
وفي عصرنا الحاضر يأخذ الدور في هذه الفتنة دورته في مسلاخ من المنتسبين إلى السنة متلفعين بمرط ينسبونه إلى السلفية ـ ظلما لها ـ فنصبوا أنفسهم لرمي الدعاة بالتهم الفاجرة المبنية على الحجج الواهية واشتملوا بضلالة التصنيف.
وهذا بلاء عريض، وفتنة مضلة في تقليص ظل الدين وتشتيت جماعة وزرع البغضاء بينهم، وإسقاط حملته من أعين الرعية، وما هنالك من العناد وجحد الحق تارة، ورده أخرى.
ويا لله كم صدت هذه الفتنة العمياء عن الوقوف في وجه المد الإلحادي،
والمد الطرقي، والعبث الأخلاقي، وإعطاء الفرصة في استباحة أخلاقيات العباد وتأجيج سبل الفساد والإفساد.
إلى آخر ما تجره هذه المكيدة المهينة من جنايات على الدين وعلى علمائه، وعلى الأمة، وعلى ولاة أمرها.
وبالجملة فهي فتنة مضلة والقائم بها " مفتون " و" منشق" عن جماعة المسلمين " [تصنيف الناس بين الظن واليقين ص ٢٨، ٢٩].
ويقول أيضا هذا الجهبذ ـ حفظه الله تعالى ـ: " لكن بلية لا لعا لها، وفتنة وقى الله شرها حين سرت في عصرنا ـ ظاهرة الشغب هذه إلى من شاء من المنتسبين إلى السنة، ودعوى نصرتها، فاتخذوا " التصنيف بالتجريح " دينا وديدنا، فصاروا إلباً على أقرانهم من أهل السنة، وحربا على رؤوسهم، وعظمائهم، يلحقونهم الأوصاف المرذولة، ونبزوهم بالألقاب المستشنعة المهزولة، حتى بلغت بهم الحال أن فاهوا بقولتهم عن إخوانهم في الاعتقاد، والسنة، والأثر: " هم أضر من اليهود والنصارى" و" فلان زنديق"؟؟ " [تصنيف الناس بين الظن واليقين ص ٣٩]
وهذه الصفة المزرية سمة تلوح على جبين ربيع بن هادي المدخلي المتلفع بمرط الإرجاء، ولقد استبان أمره وكفر به طائفته مثل " فالح الحربي " ... ، زيادة على البضاعة المزجاة في الجرح والتعديل، مما حمل الجهبذ العلامة بكر بفردها بمصنف وسماه بـ" التأصيل لقواعد الجرح والتعديل" نصحا للدين ورفقا بالأمة حتى لا تسلك مسلكه الوخيم.
أما صفة التعالم مع خبث الكبر والحسد، فلقد اتسم بها فريق الأثرية علي حلبي البائس وبطانته الفاسدة، وأحسن وصف وجدته ينطبق فيه، ما سطره العلامة الجهبذ بكر بن عبدالله أبو زيد.
قال ـ حفظه الله تعالى ـ: " تعدد الشخصيات في الشخص الجاثمة بين جوانح الحاملين لنظرية " تعدد الشخصيات في الشخص الواحد": شخصية التعالم، وشخصية التقية، الملاينة على حساب الحق. " [التعالم وأثره على الفكر والكتاب ص ٣٥].
ويقول أيضا: "٦ـ ومنه الانتحال: وقد بلغ سوء الحال إلى انتحال كتب ورسائل برمتها، وقد بسطت هذا أشد البسط ولله الحمد في " معجم المؤلفات المنحولة" يسر الله إتمامه وطبعه ...
وأما تغيير أسماء الكتب و" تنتيف الكتب " بمعنى: أخذ بحث من موضوع من كتاب، وإفراده بالطبع، ويرسم على طرته تأليف فلان دون الإشارة على الغلاف بأنه مستل من كتاب كذا، فهذا التغرير شيء لا تسأل عنه فقد بلغ فيه العبث مبلغا طوره، وازدحمت عليه ممارسات المتأكلين وتكسرت منهم النصال على النصال من كتبيين، ووراقين، ومحققين .. في فوضى لا نعلم لها على وجه الأرض من رادع لكن لعل التنبيه ينفع من كان له من نفسه وازع.
٧ـ ومن التعالم: نفخ الكتاب بالترف العلمي والتطويل الذي ليس فيه من طائل، بل هو كالضرب في حديد بارد، وذلك في أعقاب ثورة الإنتاج الطباعي ـ تحت شعار التحقيق، بحيث يكون الأصل لو ضع في ظرف لوسعه" [التعالم وأثره على الفكر والكتاب ص ٧٣، ٧٤].